للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.. تِلْكَ الْعَوَانِي وَإِنْ أَخْلَصْنَ خُلَّتَها ... وَاللهِ لَسْنَ بَرِيئَاتٍ مِنْ الدَّخَلِ

طحُبُّ الأَحِبَّةِ حُرْمَانٌ وَمَنْدَمَةٌ ... فَالْغُولُ عَاقَبَةٌٌ لِلشَّارِبِ الثَّمِلِ

يَا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّمْ دَائِمًا أَبَدًا ... عَلَى نَبِيِّكَ طه سَيّدِ الرُّسُلِ

(فَصْلٌ)

قال أحد العلماء: لا يكن هم أحدكم في كثرة العمل، ولكن ليكن همه في إحكامه وإتقانه وتحسينه، فإن العبد قد يُصَلي وهو يَعْصِي الله في صلاته، وقد يصوم وهو يَعْصِي الله في صيامه.

وقيل لآخر: كيفَ أَصْبَحْتَ؟ فبكى، وقال: أصبحتُ في غَفْلَةٍ عَظِيمَةِ عن الموت مَعَ ذُنُوب كثيرة قد أحاطت بي، وأجلٌ يسرع كل يوم في عمري، ومَوْئِلِ لستُ أدري علامَا أهجم، ثم بكى.

وقال آخر: لا تَغْتَم إلا مِن شيء يَضُرك غدًا (أي في الآخرة) ولا تفرح بشيءٍ لا يَسُركَ غدًا، وأنفعُ الخوف ما حَجَزَكَ عن المعاصي، وأطال الْحُزْنَ مِنْكَ على ما فاتك من الطاعة، وَأَلْزَمَكَ الفِكْرَ في بَقِيةِ عُمرك.

وقال الآخر: عليك بصحبة من تُذَكِّرُك الله عز وجل رُؤيَتُه، وتقع هَيْبَتُه على باطنك، ويزيُدُ في عَملك مَنْطِقُه، ويُزْهِدُكَ في الدُّنْيَا عَمله، ولا تعصي الله ما دُمْتَ في قُربه، يَعِظكَ بِلِسَانِ فِعْلِهِ ولا يَعِظُكَ بِلِسَانِ قَوْلِهِ.

قال إِسرافيل: حضرتُ ذي النون المصري وهو في الحبس وقد دَخل الشُرطي بطعام له، فقام ذُو النون فنفض يده (أي قبضها عن الطعام) .

فقيل له: إن أخاك جَاءَ به فقال: إنه على يَدَيْ ظالم، قال: وسمعتُ رجلاً سأله ما الذي أتعبَ العبادَ وأضْعَفَهُم؟

فقال: ذكر المقام، وقلةُ الزاد، وخوفُ الحساب، ولم لا تذوبُ أبدانُ العمال وتذهلُ عُقولُهم، والعرضُ على الله جل وعلا أمامَهم، وقراءة كتبهم بين أيديهم.

والملائكة وقوفٌ بين يدي الجبار يَنْتَظِرونَ أَمْرَهُ في الأخبار والأشرار، ثم مَثَّلوا هذا في نفوسهم وَجَعَلُوه نُصْبَ أَعْيُنِهِم.

<<  <  ج: ص:  >  >>