جَدُّوا، وأما الخائفون فقد استعدوا، وأما الصالحون فقد فرحوا وراحوا وأما الواعظون فقد نصحوا وصاحوا.
العلم لا يحصل إلا بالنصب والمال لا يجمع إلا بالتعب، أيها العبد الحريص على تخليص نفسه إن عزمت فبادر وإن هممت فثابر واعلم أنه لا يدرك العز والمفاخر من كان في الصف الآخر.
قال ابن مسعودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - الصراطُ المستقيمُ، تَرَكَنَا مُحمدٌ في أَدْنَاهُ وَطَرَفُه في الْجَنَّةِ، وعن يمينه جَوَادٌ وثَمّ رجالٌ يدعونَ مَنَ مَرَّ بِهم، فمَن أخذَ في تلك الْجَوادِ انتهتْ به إلى النار، ومَن أخذ على الصِّراطِ انتهى به إلى الجنة. ثم قرأ ابن مسعود:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} خرجه ابن جرير وغيره.
فالطريقُ الموصلُ إلى الله واحدٌ، وهو صراطهُ المستقيمُ، وبقيةُ السُّبُلِ كُلَّها سُبُل الشيطانِ، مَن سَلَكَها قَطَعَتْ بِهِ عن الله، وأوصَلَتْهُ دَارَ سَخَطِهِ وَغَضَبِهِ وَعِقَابِه، فربما سَلكَ الإنسانُ في أولِ أمرِهِ على الصراطِ المستقيم ثم يَنْحَرِفُ عَنه آخِرَ عُمُرِه فيسلكُ سُبُلَ الشيطانِ فيقطعُ عن الله فَيَهلكُ.
«إن أحدَكُم ليعملُ بعملِ أهل الجنةِ حتى ما يكونُ بينه وبينهَا إلا ذراعٌ أَوْ باعٌ فيعمُل بعملِ أَهل النار فَيَدخلُ النَّارَ» . وربما سلكَ بالرجل أولاً بعض سُبُلِ الشيطَان ثم تُدركُه السعادةُ فيسلكُ الصراطَ المستقيمَ في آخر عُمُرِهِ فيصلُ به إلى الله.