للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَتَى عَرِفَ الْعَاقِلُ نَقْصَهُ، وَأَنَّ الضَّرَرَ عَائِدٌ إِلَيْهِ، أَقْلَعَ عَنْهُ، وَأَصْبَحَ مِنَ الْمُهَذَّبِينَ الْمُتَنَوِّرِينَ الصَّاعِدِينَ إِلَى أَوَجِ الْكَمَالِ، فِكَمْ اهْتَدَى بِإِذْنِ اللهِ بِسَبَبِ الْمُؤْمِنِ النَّاصِحِ مِنْ أُنَاسٍ قَدْ تَاهُوا وَتَمَادَوْا فِي الضَّلالِ.

وِاسْمَعْ إِلَى قَوْلِ الإِمَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ لَمَّا ذَكَرَ نُفَاةِ الصِّفَاتِ أَهْلَ الْبِدَعِ وَحَيْرَتِهِمْ وَشُبُهَاتِهِمْ وَشُكُوكُهُمْ وَأَنَّهُ جَرَّبَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ تِلْكَ الشِّبَاكِ وَالْمَصَايِدِ حَتَّى أَتَاحَ لَهُ الْمَوْلَى بِفَضْلِهِ مَنْ نَشَلَهُ وَأَوْضَحَ لَهُ تِلْكَ الشُّبَهِ وَأَزَاحَ عَنْهُ تِلْكَ الشُّكُوكِ وَهُوَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْنُ تَيْمِيَةِ رَحِمَهُ اللهُ فَقَالَ فِي النُّونِيَّةِ:

يَا قَومُ بِاللهِ العَظِيمِ نَصِيحةٌ ... مِن مُشفِقٍ وَأخٍ لَكُمْ مِعَوَانِ

جَرَّبتُ هَذَا كُلَّهُ وَوَقَعتُ فِي ... تِلكَ الشِّبَاكِ وَكُنْتُ ذَا طَيَرَانِ

حَتَّى أَتَاحَ لِيَ الإِلهُ بِفَضلِهِ ... مَنْ لَيْسَ تَجْزِيهِ يَدِي وَلِسَانِي

حَبْرًا أتَى مِن أرضِ حَرَّانٍ فَيَا ... أَهْلاً بِمَن قَدْ جَاءَ مِنْ حَرَّانِ

فَالله يَجزِيهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ... مِن جَنَّةِ الْمَأَوَى مَعَ الرِّضوَانِ

أخَذَتْ يَدَاهُ يَدِي وَسَارَ فَلَمْ يَرِمْ ... حَتَّى أرَانِي مَطلَعَ الإِيمَانِ

وَرَأيتُ أعلاَمَ المدِينَةِ حَولَهَا ... نَزَلَ الهُدَى وَعَسَاكِرُ القُرآنِ

وَرَأيتُ آثاراً عَظِيماً شَأنُهَا ... مَحجُوبَةً عَن زُمرَةِ العُميَانِ

وَوَرِدْتُ رَأسَ الماءِ أبيَضَ صَافِياً ... حَصبَاؤهُ كلآلىء التِّيجَانِ

وَرَأيتُ أكوَاباً هُناكَ كَثِيرةً ... مِثلَ النُّجُومِ لوَارِدٍ ظَمآنِ

وَرَأيتُ حَوضَ الكَوثَرِ الصَّافِي الذِي ... لاَ زَالَ يَشخُبُ فِيهِ مِيزَابَانِ

مِيزابُ سُنَّتِهِ وَقَولُ إِلَهِهِ ... وَهُمَا مَدَى الأَزْمَانِ لاَ يَنِيَانِ

وَالنَّاسُ لاَ يَرِدُونَهُ إلاَّ مِن الـ ... آلافِ أفرَاداً ذَوُوْ إيمَانِ

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبَّكَ وّحُبَّ الْعَمَلِ الَّذِي يُقَرِّبْنَا إِلَى حُبِّكَ، اللَّهُمَّ أَلْهِمْنَا ذِكْرَكَ وَوَفِّقْنَا لِلْقِيَامِ بِحَقِكَ وَبَارِكْ لَنَا فِي الْحَلالِ مِنْ رِزْقِكَ وَلا

<<  <  ج: ص:  >  >>