لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَفِيهٌ مِنْ سُفَهَاءِ قُرَيْشٍ فَأَلْقَى عَلَيْهِ تُرَابًا، فَرَجَعَ عَلَى بَيْتِهِ فَأَتَتْهُ امْرَأةٌ مِنْ بَنَاتِه تَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ التُّرَابَ وَتَبْكِي، فَجَعَلَ يَقُولُ: «أَيْ بُنِيَّة لا تَبْكِينَ فَإِنَّ اللهَ مَانِعُ أَبَاكِ» . وَيَقُولُ: «مَا بَيْنَ ذَلِكَ مَا نَالَتْ قُرَيْشُ شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ ثُمَّ شَرَعُوا» .
وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمُ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ تَجَهَّمُوا بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «يَا عَمُّ! مَا أَسْرَعَ مَا وَجَدْتُ فَقْدَكَ» . وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ الْحَارِثِ بِنْ الْحَارِثِ قُلْتُ: لأَبِي مَا هَذِهِ الْجَمَاعَة؟ قَالَ: هَؤُلاءُ قَوْمٌ اجْتَمَعُوا عَلَى صَابِئٍ لَهُمْ فَنَزَلْنَا فَإَذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو النَّاسَ إِلَى تَوْحِيدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالإِيمَانَ بِهِ وَهُمْ يَرُدُّونَ عَلَيْهِ وَيُؤْذُونَهُ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارَ، وَانْصَدَعَ النَّاسُ عَنْهُ أَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ قَدْ بَدَا نَحْرُهَا تَحْمُلُ قَدَحًا وَمنْدِيلاً فَتُنَاوَلَهُ مَنْهَا فَشَرِبَ وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّةَ خَمْرِي عَلَيْكِ نَحْرِكِ وَلا تَخَافِينَ عَلَى أَبِيكِ» . قُلْنَا: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: هَذِهِ زَيْنَبُ بِنْتُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا. قَالَ الْهَيْثَمِي: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدَ اللهِ بِن عُمَرو رَضْيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا أَكْثَرَ مَا رَأَيْتَ قُرَيْشًا أَصَابَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا كَانَتْ تُظْهِرُ مِنْ عَدَاوَتِهِ، قَالَ: حَضَرْتُهُمْ وَقَدْ اجْتَمَعَ أَشْرَافُهُمْ فِي الْحِجْرِ.
فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَبَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ. سَفَّهَ أَحْلامَنَا وَشَتَمَ آبَاءَنَا وَعَابَ دِينَنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَاتِنَا، وَسَبَّ آلِهَتَنَا. لَقَدْ صَبَرْنَا مِنْهُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، أَوْ كَمَا قَالُوا.
قَالَ: فَبَيِنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ طَلَعَ عَلَيْهمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَقَبَلَ يَمْشِي حَتَّى اسْتَقْبَلَ الرُّكْنَ ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ طَائِفًا بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا مَرَّ بِهِمْ غَمَزُوهُ: - أَيْ أَشَارُوا إِلَيْهِ - بِبَعْضِ مَا يَقُولُ، قَالَ: فَعَرِفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ.
ثُمَّ مَضَى فَلَمَّا مَرَّ بِهِمْ الثَّانِيَة بِمِثْلِهَا فَعَرِفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ مَضَى فَلَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute