وَعِنْد الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أُصَيبَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ، فَاسْتَقْبَلَهُ مَالِكُ بِنْ سِنَانٍ فَمَصَّ جُرْحَهُ ثُمَّ ازْدَرده - أى ابتلعه - قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ خَالَطَ دَمُّهُ دَمِّي فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَالِكِ بِنْ سِنَانٍ.
وَأَخْرَجَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذَا ذَكَرَ يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ: ذَاكَ يَومُ كُلُّهُ لِطَلْحَةَ ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُ قَالَ: كُنْتُ أَوْلُ مَنْ فَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ فَرَأَيْتُ رَجُلاً يَقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ دُونَهُ، وَأَرَاهُ قَالَ: حَمِيَّةً. قَالَ: فَقُلْتُ: كُنْ طَلْحَةَ حَيْثُ فَاتَنِي مَا فَاتَنِي فَقُلْتُ يَكُونُ رَجُلاً مِنْ قَوْمِي أَحَبُّ إِلَيَّ. وَبَيْنِي وَبَيْنِ الْمُشْرِكِينَ رَجُلاً لا أَعْرِفُهُ وَأنَا أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ وَهُوَ يَخْطَفُ الْمَشْيَ خَطْفًا لا أَخْطُفُهُ. فَإِذَا هُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَدْ كُسِرَتْ رُبَاعِيَّتِه، وَشَجَّ فِي وَجْهِهِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي وَجْنَتَهُ حَلَقَتَا مِنْ حِلَقِ الْمِغْفَرِ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكُمَا صَاحِبُكُمَا» . يُرِيدُ طَلْحَةَ، وَقَدْ نَزَفَ فَلَمْ نَلْتَفِتْ إِلَى قَوْلِهِ، قَالَ: وَذَهَبْتُ لأَنْزِعَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهِهِ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةُ: أُقْسِمُ عَلَيْكَ بِحَقِّي لَمَا تَرَكْتَنِي فَتَرَكْتُهُ. فَكَرِهَ تَنَاوُلُهَا بِيَدِهِ فَيُؤْذِي رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَزَمَّ عَلَيْهَا بِفِيهِ أَيْ عَضَّ عَلَيْهَا، فَاسْتَخْرَجَ إِحْدَى الْحَلَقَتَيْنِ وَوَقَعَتْ ثَنِيَّتِهِ مَعَ الْحَلَقَةِ وَذَهَبْتُ لأَصْنَعَ مَا صَنَعَ. فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ بِحَقِي لَمَا تَرَكْتَنِي. قَالَ: فَفَعَلَ مِثَلَ مَا فَعَلَ فِي الْمَرَّةِ الأُولَى فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتِهِ الأُخْرَى مَعَ الْحَلَقَةِ.
فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسَ هَتْمًا فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ أَتَيْنَا طَلْحَةَ فِي بَعْضِ الْجفَارِ، فَإَذَا بِهِ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ طَعْنَةً وَرَمْيَةً وَضَرْبَةً وَإِذَا قَدْ قُطِعَتْ أُصْبُعهُ فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِهِ.
اللَّهُمَّ ثَبِّتْ مَحَبَّتَكَ فِي قُلُوبِنَا وَقَوِّهَا وَارْزُقْنَا الْقِيَامَ بِطَاعَتكَ وَجَنِّبْنَا مَا يُسْخِطُكَ وَأَصْلِحْ نِيَّاتِنَا وَذُرِّيَاتِنَا وَأَعِذْنَا مِنْ شَرِّ نُفُوسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالَنَا وَأَعِذْنَا مِنْ عَدُوّكَ وَاجْعَلْ هَوَانَا تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُكَ - صلى الله عليه وسلم - وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِيْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute