للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَامَ فِي مَجْمَعٍ مِنَ النَّاسِ وَأَعْلَنَ بَرَاءَةَ مَا عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ عِبَادَةِ الأَصْنَامِ وَهَاجَرَ سَعِيدُ بن عَامِر إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَزَمَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَشَهِدَ مَعَهُ خَيْبَرَ، وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْغَزَوَاتِ.

وَلَمَّا تُوُفِيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ظَلَّ سَيْفًا مَسْلُولاً فِي يَدَيْ خَلِيفَتِيِّ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَكَانَا يَعْرِفَانِ لَهُ صِدْقَهُ وَتَقْوَاهُ.

وَلَمَّا آلَتِ الْخِلافَةُ إِلَى عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَتَاهُ سَعِيدُ فَقَالَ لَهُ: يَا عُمَرُ أُوصِيكَ أَنْ تَخْشَى اللهَ فِي النَّاسِ، وَلا تَخْشَى النَّاسَ فِي اللهِ، وَأَنْ لا يُخَالِفَ قَوْلُكَ فِعْلَكَ، فَإِنَّ الْقَوْلَ مَا صَدَّقَهُ الْفِعْلُ.

يا عُمَر أَقِمْ وَجْهَكَ لِمَن وَلاكَ اللهُ أَمْرُهُ مِنَ بَعِيدِ الْمُسْلِمِينَ وَقَرِيبِهِمْ، وَأَحِبَّ لَهُمْ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ، وَاكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ، وَخُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ وَلا تَخَفْ فِي اللهِ لَوْمَةَ لائِمٍ.

فَقَالَ عُمَر: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ يَا سَعِيدُ؟ فَقَالَ: يَسْتَطِيعُهُ مِثْلُكَ مِمَّنْ وَلاهُمْ اللهُ أَمْرَ أَمَّةِ مُحَمَّدٍ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ أَحَدٌ. عِنْدَ ذَلِكَ دَعَا عُمَرُ سَعِيدًا إِلَى مُسَاعَدَتِهِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّا مُوَلُوكَ حَمْصَ. فَقَالَ: يَا عُمَر نَشَدْتُكَ اللهَ لا تَفْتِنِي. فَغَضَبَ عُمَرُ وَقَالَ: وَيْحَكُمْ وَضَعْتُمْ هَذَا الأَمْرَ فِي عُنُقِي ثُمَّ تَخَلَّيْتُمْ عَنِّي، وَاللهِ لا أَدَعُكَ ثُمَّ أَلْزَمَهُ بِحِمْص وَقَالَ: أَلا نَفْرِضُ لَكَ رِزْقًا؟ : وَمَا أَفْعَلُ بِهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ عَطَائِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ يَزِيدُ عَنْ حَاجَتِي.

ثُمَّ مَضَى وَالِيًا عَلَى حِمْص وَمَا مَضَى إِلا زَمَنٌ يَسِيرُ حَتَّى جَاءَ بَعْضُ أَهْلِ حِمْص إِلَى عُمَر فَقَالَ: اكْتُبُوا أَسْمَاءَ الْفُقَرَاءِ عِنْدَكُمْ بِحِمْص حَتَّى أَسُدَّ حَاجَتِهِمْ، فَرَفَعُوا لَهُ كِتَابًا فِيهِ بَعْضُ الْفُقَرَاءِ الْمَوْجُودِينَ بِحِمْص وَمِنْ جُمْلَةِ الْفُقَرَاءِ الْمَكْتُوبِينَ سَعِيد بن عَامِرِ الْجَمَحِيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>