للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ سُلَيْمَانٌ: مَا تَقُولُ فِي سَلامِ الأَئِمَّةِ مِنْ صَلاتِهِمْ: أَوَاحِدَةٌ أَمْ اثْنَتَانِ؟ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ لِدَيْنَا قَدْ اخْتَلَفُوا عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ أَشَدَّ الاخْتِلافِ. قَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ؛ أَرْسِيكَ فِي هَذَا بخَيْرٍ شَافٍ.

حَدَّثَنِي عَامِرُ بن سَعْدٍ بن أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ أَنَّهُ شَهِدَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسَلِّمُ فِي الصَّلاةِ عَنْ يَمِينِه حَتَّى يُرَى بَيَاضَ خَدِّهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضَ خَدِّهِ الأَيْسَرِ، سَلامًا يَجْهَرُ بِهِ. قَالَ عَامِرٌ: كَانَ أَبِي يَفْعَلُ ذَلِكَ.

وَأَخْبَرَنِي سَهْلٌ بن سَعَدٍ السَّاعِدِيّ أَنَّهُ رَأَى عُمَرَ بن الْخَطَّابِ وَابْنَ عُمَرَ يُسَلِّمَانِ مِنَ الصَّلاةِ كَذَلِكَ، فَقَالَ الزُّهَرِيُّ: اعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ بِهِ أَيُّهَا الرَّجُلُ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَعْبٌ شَدِيدٌ إِلا بِالتَّثْبِيتِ وَالْيَقِينِ.

قَالَ أَبُو حَازِمٍ: قَدْ عَلِمْتُهُ وَرَوَيْتُه قَبْلُ أَنْ تَطْلَعَ أَضْرَاسَكَ فِي رَأْسِكَ. فَالْتَفَتَ الزُّهَرِيُّ إِلَى سُلَيْمَانٌ، قَالَ: أَصْلَحَكَ اللهُ، إن هَذَا الْحَدِيثَ مَا سَمِعْتُ بِهِ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَط، فَضَحِكَ أَبُو حَازِمٍ.

ثُمَّ قَالَ: يَا زُهَرِيُّ أَحَطْتَ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كُلِّهُ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَثَلاثَةُ أَرْبَاعِهِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَثُلُثُهُ؟ فَقَالَ: أَرَانِي ذَلِكَ، قَدْ رُويتُ وَبَلَغَنِي.

فَقَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَهَذَا مِنَ الثُّلُثِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْكَ وَبَقَى عَلَيْكَ إِسْمَاعِهِ. فَقَالَ سُلَيْمَانٌ: مَا ظَلَمَكَ مِنْ حَاجَّكَ. ثُمَّ قَامَ مَأْذُونًا لَهُ. فَأَتْبَعَهُ سُلَيْمَانٌ بَصَرَهُ، يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيَعْجَبُ بِهِ.

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى جُلَسَائِهِ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ بَقِيَ فِي الدُّنْيَا مِثْل هَذَا. وَاللهُ أَعْلَمُ. وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّدْ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>