وفي سورة الأعراف يخبرنا جَلَّ وَعَلا عما كَانَ من بَنِي إسرائيل وَمَا نزل بِهُمْ من الْعَذَاب فيَقُولُ:{وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} ، فأفادت هَذِهِ الآيات أن بَنِي إسرائيل صاروا إلى ثلاث فرق: فرقة ارتكبت المحذور واحتالوا على اصطياد الأسماك يوم السبت المحرم فيه الصيد، وفرقة نهت عَنْ ذَلِكَ واعتزلتهم، وفرقة سكتت فَلَمْ تفعل ولم تنه ولكنها قَالَتْ للمنكرة: لم تعظون قومًا الله مهلكهم أَوْ معذبهم عذابًا شَدِيدًا، أي لم تنهون هؤلاء وَقَدْ علمتم أنهم قَدْ هلكوا واستحقوا العقوبة من الله فلا فائدة فِي نهيكم إياهم.
قَالَتْ لَهُمْ المنكرة: معذرة إلى ربكم أن فيما أخذ عَلَيْنَا من الأَمْر بالمعروف والنهي عَنْ الْمُنْكَر ولعلهم يتقون أي ولعل لهَذَا الإنكار يتقون ما هم فيه ويتركونه ويرجعون إِلَى اللهِ تائبين فَإِذَا تابوا تاب الله عَلَيْهمْ ورحمهم.
فَلَمَّا نسوا مَا ذكروا به (أي فَلَمَّا أبى الفاعلون قبول النَّصِيحَة) أنجينا الَّذِينَ ينهون عَنْ السُّوء وأخذنا الَّذِينَ ظلموا
(أي الَّذِينَ ارتكبوا المعصية) بعذاب بئيس، فنصت الآيات على نجاة الناهين وهلاك الظالمين وسكتت عَنْ الساكتين.