للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها بل وقع فيها، وإذ رضي لنفسه من الحال غير مَا أمره الله به أن يكون عَلَيْهِ من الأَمْر بالمعروف، والنهي عَنْ الْمُنْكَر.

وقَدْ دلت ألسنة كثير من النَّاس بآية وضعوها غير موضعها، وتأولوا فيها قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} وصدق الله تبارك وتَعَالَى، ولا يضرنا ضلالة من ضل إِذَا اهتدينا، ولا ينفعنا هدي من اهتدى إِذَا ضللنا {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وإن مِمَّا عَلَى أَنْفُسِنَا وَأَنْفُسِ أولئك مما أمر الله به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا يظهر لله محرمًا إِلا انتقموا ممن فعله مِنْهُمْ، من كنتم، ومن كَانُوا، وقول من قَالَ إن لَنَا فِي أنفسنا شغلاً، ولسنا من النَّاس فِي شَيْء.

ولو أن أَهْل طاعة الله رجع رأيهم إلى ذَلِكَ، مَا عمل لله بطاعة، ولا تناهوا لَهُ عَنْ معصية، ولقهر المبطلون المحقين، فصار النَّاس كالأنعام، أَوْ أضل سبيلاً، فتسلطوا على الفساق من كنتم ومن كَانُوا فادفعوا بحقكم باطلهم، وببصركم عماهم، فَإِنَّ الله جعل للأبرار على الفجار سلطانًا مبينًا، وإن لم يكونوا ولاة ولا أَئِمَّة.

من ضعف عَنْ ذَلِكَ فليرفعه إلى أمامه فَإِنَّ ذَلِكَ من التعاون على البر والتقوى، قَالَ الله لأَهْل المعاصي: {أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ} .

ولينتهين الفجار أَوْ ليهينهم الله بما قَالَ: {َنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} الآيَة.

وذكر ابن أبي الدُّنْيَا عَنْ أَنَس بن مالك أَنَّهُ دخل على عَائِشَة هُوَ ورجل آخر فَقَالَ لها الرجل: يَا أم الْمُؤْمِنِينَ حدثينا عَنْ الزلزلة، فقَالَتْ: إِذَا استباحوا الزنا، وشربوا الخمور، وضربوا بالمعازف، غار الله عَزَّ وَجَلَّ فِي سمائه، فَقَالَ للأرض: تزلزلي بِهُمْ، فَإِنَّ تابوا ونزعوا وإِلا هدمها عَلَيْهمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>