الصمد الَّذِي لم يلد ولا يولد ولم يكن لَهُ كفوًا أَحَد الوهاب الَّذِي لا يبخل والحليم الَّذِي لا يعجل لا رادَّ لأَمْرِكَ ولا معقب لحكمك نسألك أن تغفر ذنوبنا وتنور قلوبنا وتثَبِّتْ محبتك فِي قلوبنا وتسكننا دار كرامتك إِنَّكَ على كُلّ شَيْء قدير. وصلى الله على مُحَمَّد وآله وصحبه أجمعين.
" موعظة "
قَالَ الله تَعَالَى:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} ، قَالَ:{فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى} ، وَقَالَ تَعَالَى:{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} فيا عباد الله لَقَدْ خاطبكم بهَذَا الخطاب الرائع ووصفهم بهَذَا الوصف العَظِيم، بأنهم خَيْر أمة أخرجت للناس، وأن مجتمعهم أعلا وأعز مجتمَعَ فِي العَالِم حاضره وماضيه لما اتصفوا به من الصفات الفاضلة، والأَخْلاق العالية، والغيرة الصادقة، على حدوده.
وَهَذَا الوصف وَقْت أن كَانُوا متمسكين بتعاليم دينهم، وكَانَ الإِسْلام وبهاؤه يلوح فِي أَعْمَالُهُمْ، ومعاملاتهم، وأخلاقهم فلا غش ولا خداع ولا كذب ولا خيانة ولا غدرًا، ولا نميمة، ولا غيبة، ولا قطيعة هدفهم الِقَضَاءِ على المنكرات وإماتتها، وإعزاز المعروف ونشره بين الْمُسْلِمِين، وَهَذَا يدل على قوة إيمانهم، وشدة تمسكهم به ورغبة فِي النجاة التي وعد الله بها الناهي عَنْ السُّوء، قَالَ تَعَالَى:{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} .
فيا عباد الله تأملوا حالتنا الحاضرة، وحالة سلفنا الكرام الَّذِينَ كَانُوا كُلّ مِنْهُمْ يحب لأخيه مَا يحب لنفسه، ويرحم كبيرهم الصغير ويوقر الصغير الكبير، يتآمرون بالمعروف، ويتنأَهْوَن عَنْ الْمُنْكَر، ينصفون حَتَّى الأعداء من أنفسهم وأولادهم.