ومَعَ ذَلِكَ فلا ألسنة تنطق ولا قُلُوب تتمعر إِلا النوادر، الموجود هُوَ التلاوم والقيل والقَالَ، والمداهنة، والجلوس مع أَهْل المعاصي، ومحادثتهم ومباشرتهم وأظهار البشر لَهُمْ وتعظيمهم وتقليدهم فِي الأقوال والأفعال.
فيا عباد الله اتقوا الله واسلكوا طَرِيق سلفكم واصدعوا بالحق وأمروا بالمعروف وانهوا عَنْ الْمُنْكَر، واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، قَبْل أَنْ يَحِلَّ بِكم مَا حَل بمن قبلكم، وتضرب قُلُوب بعضكم على بعض، قبل فتنة لا تصيبن الَّذِينَ ظلموا منكم خاصة، قبل أن تُلعنوا كما لعن الَّذِينَ من قبلكم، بسبب عدم تناهيهم عَنْ الْمُنْكَر.
فَيَا عِبَادَ اللهِ إِنَّ الأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ لَمِنْ أَعْظَمِ الشَّعَائِرِ الإِسْلاميَّةِ، وَأَقْوَى الأُسُس التي يَقُومُ عَلَيْهَا بِنَاءُ الْمُجْتَمِعَاتِ النَّزِيهَةِ الرَّاقِيَةِ، فَإِذَا لم يكن أمر ولا نهي أَوْ كَانَ ولكن كالمعدوم، فعلى الأَخْلاق والمثل العليا السَّلام، ويل يومئذ للفضيلة من الرذيلة، وللمتدينين من الفاسقين والمنافقين.
فيا عباد الله تداركوا الأَمْر قبل أن يفوت الأوان وتعضوا على البنان فقَدْ قَالَ لكم سيد ولد عدنان:«من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فَإِنَّ لم يستطع فبلِسَانه، فَإِنَّ لم يستطع فبقَلْبهُ وَذَلِكَ أضعف الإِيمَان» .
عباد الله بالأَمْر بالمعروف والنهي عَنْ الْمُنْكَر نأمن بإذن الله على الدين من