وَقَالَ شيخ الإِسْلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللهُ: ولا ريب أن الأوثان يحصل عندها من الشياطين، وخطابهم، وتصرفهم مَا هُوَ من أسباب ضلال بَنِي آدم، وجعل القبور أوثانًا، هُوَ أول الشرك، ولهَذَا يحصل عِنْدَ القبور لبعض النَّاس من خطاب يسمعه، وشخص يراه، وتصرف عجيب، مَا يظن أَنَّهُ من الميت.
وقَدْ يكون من الجن والشياطين، مثل أن يرى القبر قَدْ انشق، وخَرَجَ منه الميت، وكلمه وعانقه وَهَذَا يرى عِنْدَ قبور الأَنْبِيَاء وغيرهم، وإنما هُوَ شيطان فَإِنَّ الشيطان يتصور بصور الإنس، ويدعي أحدهم أَنَّهُ النَّبِيّ فلان أَوْ الشَّيْخ فلان وَيَكُونُ كّاذِبًا فِي ذَلِكَ.
وفي هَذَا الْبَاب من الوقائع مَا يضيق هَذَا الموضع عَنْ ذكره وهي كثيرة جدًا، والجاهل يظن أن ذَلِكَ الَّذِي رآه قَدْ خَرَجَ من القبر وعانقه أَوْ كلمه هُوَ المقبور أَوْ النَّبِيّ، أَوْ الصالح، أَوْ غيرهما، والمُؤْمِن العَظِيم يعلم أَنَّهُ شيطان، ويتبين ذَلِكَ بأمور:
أحدهما أن يقرأ آية الكرسي بصدق، فَإِذَا قرأها تغيب ذَلِكَ الشخص، أَوْ ساخ فِي الأَرْض، أَوْ احتجب، ولو كَانَ رجلاً صالحًا أَوْ ملكًا أَوْ جنيًا مؤمنًا لم تضره آية الكرسي، وإنما تضر الشيطان كما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة: اقرأ آية الكرسى إذا أويت فراشك، فإنه لا يزال عَلَيْكَ من الله حافظ ولا يقربك شيطان حَتَّى تصبح، فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: «صدقك وَهُوَ كذوب» .
وَمِنْهَا أن يستعيذ بِاللهِ من الشياطين.
وَمِنْهَا أن يستعيذ بالعوذة الشرعية، فَإِنَّ الشياطين كَانَتْ تعرض للأنبياء فِي حياتهم وتريد أن تؤذيهم، وتفسد عبادتهم كما جاءت الجن إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بشعلة من نار تريد أن تحرقه، فأتاه جبريل بالعوذة المعروفة، التي تضمنها