للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم إنهم نسوا الله وأهملوا حقوقه وَمَا قدروه حق قدره، ولم يراعوا لإنهماكهم فِي الدُّنْيَا وتهالكهم عَلَيْهَا مواجب أوامره ونواهيه حق رعايتها، فأنساهم أنفسهم آنساهم مصالحهم وأغفلهم عَنْ منافعها وفوائدها فصار أمرهم فرطًا فرجعوا بخسارة الدارين، وغبنوا غبنًا لا يمكن تداركه ولا يجبر كسره، وسيرون يوم القيامة من الأهوال مَا ينسيهم أرواحهم، وجعلهم حيارى ذاهلين يوم تذهل كُلّ مرضعة عَنْ مَا أرضعت وتضع كُلّ ذات حمل حملها وتَرَى النَّاس سكارى وَمَا هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد.

وفي مثل هَذَا يَقُولُ أحد الْعُلَمَاء: اجتهادك فيما ضمن لَكَ مَعَ تقصيرك فيما طلب منك دَلِيل على انطماس بصيرتك. أقاموا الدُّنْيَا فهدمتهم، واغتروا بها من دون الله فأذلتهم، أكثروا فيها من الآمال وأحبوا طول الآجال ونسوا الموت وَمَا بعده من الشدائد فِي الدُّنْيَا والآخِرَة، قَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} .

شِعْرًا: ... إِذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ الْمَعَاصِي ... وَلَمْ تَسْتَحِيي فَاصْنَعَ مَا تَشَاءُ

إِذَا مَا كُنْتَ ذَا قَلْبٍ قَنُوعٍ ... فَأَنْتَ وَمَالِكَ الدُّنْيَا سَوَاءُ

وروى الترمذي مِنْ حَدِيثِ أَنَس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «من كَانَتْ الآخِرَة همه جعل الله غناه فِي قَلْبهُ وجمَعَ عَلَيْهِ شمله وأتت الدُّنْيَا وهي راغمة، ومن كَانَتْ الدُّنْيَا همه جعل فقره بين عينيه وفرق عَلَيْهِ شمله ولم يأته من الدُّنْيَا إِلا مَا قدر لَهُ، فلا يمسي إِلا فقيرًا ولا يصبح إِلا فقيرًا» .

وما أقبل عبد على الله إِلا جعل الله قُلُوب الْمُؤْمِنِينَ تنقاد إليه بالود والرحمة، وكَانَ الله بكل خَيْر إليه أسرع. أ. هـ.

وَقَالَ فِي عدة الصابرين، وَقَدْ أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنها لو ساوت عِنْدَ الله جناح

<<  <  ج: ص:  >  >>