{وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء} . الآية. قَالَ ابن عباس: لا تميلوا. وقَالَ عكرمة: أن تطيعوهم أَوْ تودوهم، أَوْ تصطنعوهم، أي تولوهم الأَعْمَال، كمن يولي الفساق والفجار.
وقَالَ الثوري: ومن لاق لَهُمْ دواة أَوْ برى لَهُمْ قلمًا أَوْ ناولهم قرطاسًا دخل فِي هَذَا. قَالَ بَعْض المفسرين فِي الآيَة: فالنهي متناول للانحطاط فِي هواهم، والانقطاع إليهم، ومصاحبتهم، ومجالستهم، وزيارتهم ومداهنتهم والرِّضَا بأَعْمَالُهُمْ والتشبه والتزيي بزيهم، ومد العين إِلَى زهرتهم، وذكرهم بما فيه تعظيمًا لَهُمْ. قُلْتُ: ما أكثر هَذَا فِي زمننا نسأل الله أن يحفظنا عَنْ ذَلِكَ.
وقَالَ آخر: لا تستندوا وتطمئنوا إِلَى الَّذِينَ ظلموا وإلى الجبارين الطغاة الظالمين، أصحاب الجور والظلم الَّذِينَ يقهرون بقوتهم، ويظلمون لا تميلوا إليهم طالبين نصرتهم أَوْ حمايتهم مهما يكن فِي أيديهم من القوة والسُّلْطَان والْمَال، فَإِنَّ ركونكم إليهم على هَذَا النحو يقدح فِي اعتمادكم على الله، وفي إخلاصكم بالتوجه إليه وحده والاتكال عَلَيْهِ وحده والاعتزاز به وحده.
والركون إِلَى الظلمة المتسلطين سواء كَانُوا أفردًا أَوْ كَانُوا دولاً يتمثل فِي صورٍ شتَّى، ومنه التعاون مَعَ الطغاة على الشعوب، الَّذِينَ لا يحكمون بما أنزل الله، ومنه معاهدات الحماية ومعاهدات الدفاع المشترك ومعاهدات الصداقة والتحالف مَعَ الَّذِينَ يؤذون الْمُؤْمِنِينَ فِي ديارهم، وكل صورة يتحقق فيها اعتماد الْمُسْلِمِين على أَهْل الظلم أفرادًا ودولاً والاستناد إِلَى قوتهم وعونهم ومساعدتهم.
وقَالَ تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ} صدر هَذِهِ السورة نزل فِي حاطب بن أبي بلتعة، لما