للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بآلهم، ولا يسكن قلقهم، إِلا إِذَا زاحموهم وجالسوهم، ومازحوهم وعظموهم، ممن نسوا الله فأنساهم أنفسهم والتهوا عما هم إليه صائرون، فلم يحسبوا لَهُ حسابًا، قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} .

وقَالَ تَعَالَى {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ} وقَالَ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} الآيَة.

فالَّذِي ينبغي أن يتبع ويقتدى به من تمسك بكتاب الله، وامتلأ قَلْبهُ بمحبة الله، وفاض ذَلِكَ على لِسَانه، فلهج بذكر الله، ودعا إِلَى الله واتبع مراضيه، فقدمها على هواه وحفظ وقته فِي طاعة الله بعيدًا عَنْ أذية الْمُسْلِمِين لا يقابل الإساءة بمثلها بل يدفع بالتي هِيَ أحسن وَهَذَا حقًا هُوَ المهذب المتنور:

لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أَحْقِدْ عَلَى أَحَدٍ ... أَرَحْتُ نَفْسِي مِنْ هَمِّ الْعَدَاوَاتِ

إِنِّي أُُحَيِّي عَدُوِّي عِنْدَ رُؤْيَتِهِ ... لأَدْفَعَ الشَّرِّ عَنِي بِالتَّحِيَّاتِ

وَأُحْسِنُ الْبَشرَ لِلإِنْسَانِ أُبْغِضُهُ ... كَأَنَّهُ قَدْ مَلا قَلْبِي مَوَدَّاتِ

وَلَسْتُ أُسَلِّمُ مِمَّنْ لَسْتُ أَعْرِفُهُ ... فَكَيْفَ أَسْلَمُ مِنْ أَهْلِ الْمَوَدَّاتِ

آخر: ... يَأْبَى فُؤَادِي أَنْ يَمِيلَ إِلَى الأَذَى ... حُبُّ الأَذِيَّةِ مِنْ طِبَاعِ الْعَقْرَبِ

لِي إِنْ أَرَدْتُ مسَاءَةً بِمسَاءَةً ... لَوْ أَنَّنِي أَرْضَى بِبَرْقٍ خُلَّبِ

حَسْبُ الْمُسِيءِ شُعُورُهُ وَمَقَالُهُ ... فِي سِرِّهِ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُذْنِبِ

اللَّهُمَّ خفف عنا الأوزار وارزقنا عيشة الأَبْرَار واصرف عنا شر الأَشْرَار وأعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا من النار يَا عزيز يَا غفار، اللَّهُمَّ ألهمنا ذكرك وَوَفِّقْنَا للقيام بحقك وبارك لَنَا فِي الحلال من رزقك ولا تفضحنا بين خلقك يَا خَيْر من دعاه داع وأفضل من رجاه راج يَا قاضي الحاجات ومجيب الدعوات هب لَنَا ما سألناه وحقق رجاءنا فيما تمنياه يَا من يملك حوائج السائلين ويعلم ما فِي ضمائر الصامتين أذقنا برد عفوك وحلاوة مغفرتك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>