" فَصْلٌ ": وقَالَ تَعَالَى لما ذكر حال المنافقين {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} ، قَالَ بَعْض المفسرين، أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالإعراض عَنْ المنافقين وإغلاظ القول عَلَيْهمْ وأن لا يلقاهم بوجه طلق، بل يكون وجهه مكفهرًا عابسًا متغيرًا من الغيظ فإذا كَانَ هذا مَعَ المنافقين، الَّذِينَ بين أَظْهُرِ الْمُسْلِمِين، يصلون معهم ويجاهدون معهم ويحجون فَكَيْفَ بمن يسافر إِلَى المشركين وأقام بين أظهرهم أيامًا ولياليا واستأذن عَلَيْهمْ فِي بيوتهم وبدأهم بالسَّلام وأكثر لَهُمْ التحية وألان لَهُمْ الكلام ولَيْسَ لَهُ عذر إِلا طلب العاجلة ولم يجعل الله الدُّنْيَا عذرًا لمن اعتذر بها قَالَ تَعَالَى:
{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ} الآيَة.
وقَالَ الشَّيْخ سُلَيْمَانٌ بن سحمان رَحِمَهُ اللهُ:
وقَالَ فِي آخر كلامه: فالواجب على العاقل الناصح لنفسه النظر فِي أمره والفكر فِي ذنوبه ومجاهدة نَفْسهُ على التوبة النصوح، والندم على ما فات، والعزيمة على أن لا يعود، والتبديل بالْعَمَل الصالح وتقديم محبة الله على جميع المحاب وإيثار مرضاته على حظوظ النفس، فَإِنَّ كُلّ شَيْء ضيعه ابن آدم ربما يكون لَهُ منه عوض، فَإِن ضيع حظه من الله لم يكن لَهُ عوض، قُلْتُ: وقَدْ أحسن من قَالَ: