ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الْجَنَّة الثمانية، يدخل من أيها شَاءَ. وفي الصحيحين عَنْ عبادة بن الصامت رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:«من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عَبْد اللهِ ورسوله، وكلمته ألقاها إِلَى مريم وروح منه، وأن الْجَنَّة حق، والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من فِي القبور، فتحت لَهُ أبواب الْجَنَّة الثمانية يدخل من أيها شَاءَ» .
وفي حديث عَبْد الرَّحْمَنِ بن سمرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فِي قصة منامه الطويل، وفيه قَالَ:«رَأَيْت رجلاً من أمتي انتهى إِلَى أبواب الْجَنَّة فأغلقت دونه، فجأته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت لَهُ الأبواب وأدخلته الْجَنَّة» .
ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم فِي حقوقهم، فَإِنَّهُمْ لا بد أن يخرجوا مَنْهَا. وفي الصحيحين عَنْ أَنَس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: «يَقُولُ الله وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن مَنْهَا من قَالَ لا إله إلا الله» . أ. هـ. وَاللهُ أَعْلَمُ. وصلى الله على مُحَمَّد وعلى آله وسلم.
" فَصْلٌ "
قَالَ ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ: أصل الأَعْمَال الدينية حب الله ورسوله كما أن أصل الأقوال الدينية تصديق الله ورسوله، وكل إرادة تمنع كمال حب الله ورسوله، وتزحم هَذِهِ المحبة فَإِنَّهَا تمنع كمال التصديق.
فهى معارضة لأصل الإِيمَان أَوْ مضعفة لَهُ. فَإِنَّ قويت حَتَّى عارضت أصل الحب والتصديق كَانَتْ كفرًا أَوْ شركًا أكبر، وإن لم تعارضه قدحت فِي كماله وأثرت فيه ضعفًا وفتورًا فِي العزيمة والطلب، وهي تحجب الواصل وتقطع الطالب وتنكي الراغب.
فلا تصلح الموالاة إلا بالمعاداة كما قَالَ تَعَالَى عَنْ إمام الحنفاء المحبين أنه قَالَ لقومه {أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} فلم تصلح لخليل الله هَذِهِ الموالاة والخلة إلا بتحقيق هَذِهِ المعاداة فإن