للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها حصول فضيلة الإِسْلام وخيرته كما فِي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص المتقدم وأيضًا من فوائده إحياء سُنَّة أبينا آدم عَلَيْهِ السَّلام، فقَدْ روى الْبُخَارِيّ ومسلم عَنْ أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لما خلق الله آدم» . قَالَ: اذهب فسلم على أولئك - نفر من الملائكة جلوس - فاستمَعَ ما يحيونك فَإِنَّهَا تحيتك وتحية ذريتك قَالَ: السَّلام عليكم. فَقَالُوا: السَّلام عَلَيْكَ ورحمة الله. فزادوا ورحمة الله» .

وقَالَ مجاهد: كَانَ عَبْد اللهِ بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يأخذ بيدي فيخَرَجَ إِلَى السوق يَقُولُ: إني لأخَرَجَ ومالي حَاجَة إلا لأسلم ويسلم عليَّ فأعطي واحدة واحدة وآخذ عشرًا، يَا مجاهد إن السَّلام من أسماء الله تَعَالَى فمن أكثر السَّلام أكثر ذكر الله، ومنها موافقته تحية أَهْل الْجَنَّة فَإِنَّ تحية أَهْل الْجَنَّة فيها سلام كما قَالَ جل شأنه {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ} .

والسَّلام كما تقدم تحية الْمُؤْمِنِينَ وشعارهم فلا نبدأ أَهْل الكتاب أَوْ الذمة به. ففي حديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا تبدؤا اليهود والنَّصَارَى بالسَّلام فإذا لقيتم أحدهم فِي طَرِيق فاضطروه إِلَى أضيقها» .

رَوَاهُ أحمد ومسلم.

ولما روى أبو نصرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّا غادون على يهود فلا تبدوهم بالسَّلام وإن سلموا عليكم فقولوا: وعليكم» . ويحرم بداءتهم بكيف أصبحت أَوْ كيف أمسيت، أَوْ كيف أَنْتَ أَوْ كيف حالك، أَوْ كما يفعله ضعاف العقول والدين بقولهم لَهُمْ صباح النُّور أَوْ مساء الْخَيْر مَعَ رفع أيديهم نسأل الله العافية أَوْ يقولون لَهُمْ والعياذ بِاللهِ أهلاً ومرحبًا.

ولو كتب إِلَى كافر وأراد أن يكتب سلامًا كتب سلام على من اتبع الهدى لما روى الْبُخَارِيّ أنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ فِي كتابه إِلَى هرقل عَظِيم الروم، ولأن ذَلِكَ معنى جامَعَ وإن سلم على من ظنه مسلمًا ثُمَّ تبين لَهُ أنه ذمي

<<  <  ج: ص:  >  >>