للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمل، فَإِنَّ غضبه لا يطغى عَلَيْهِ، فيحمله على تعدى حُدُود اللهِ بل يكفيكهم غضبه حَتَّى يجرى على سنن الدين من القصاص العادل، أَوْ العفو إن كَانَ فيه مصلحة.

وقِيْل فِي تعريفه هُوَ الثبات على الكتاب والسُنَّة، والتمشى مَعَ إرشاداتهما، لأن من ثَبِّتْ عَلَيْهِمَا فقَدْ صبر على المصائب، وعلى أداء العبادات، وعلى اجتناب المحرمَاتَ.

ثُمَّ ان الصبر يسمى بأسماء مختلفة فمثلاً الصبر عَنْ شهوة الفرج والبطن أَوْ الْمَال الحرام يسمى عفة وورعًا ومنعها عن الجزع والفرار عَنْدَ لقاء الْعَدُوّ يسمى شجاعة ويقابله الجبن، ومنعها عَنْ التعدي على الغير عَنْدَ ثورة الْغَضَب يسمى حلمًا، وشجاعة، ويقابله التذمر والطيش.

وعن إفشاء السِّرّ يسمى كتمان السِّرّ، وعن الإسراف فِي المآكل والمشارب يسمى زهدًا، وعن الغرور بالثروة والْمَال يسمى ضبط النفس، ويقابله البطر والخلاصة أن الصبر فضيلة يحتاجها المسلم فِي دينه ودنياه.

فيجب على الإنسان أن يوطن نَفْسهُ على احتمال الشدائد والمكاره دون ضجر وانتظار النتائج مهما بعدت فكل ما هُوَ آت قريب، وعَلَيْهِ أن يوطنها على مواجة الأعباء مهما ثقُلْتُ بقلب لم تعلق به ريبة وعقل لا تطيش به كربة.

وقَدْ أكد الله جَلَّ وَعَلا أن ابتلاء النَّاس أمر لا محيص عَنْهُ حَتَّى يأخذوا الأهبة، والاستعداد للنوازل، فلا تذهلهم المفاجاة، قَالَ تَعَالَى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} . وقَالَ {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} وقَالَ: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>