وَرُوِيَ فيه أيضًا عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ليجرب أحدكم بالبَلاء كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار، فمنه ما يخَرَجَ كالذهب الإبريز فذاك الَّذِي حماه الله من الشبهات ومنه ما يخَرَجَ دون ذَلِكَ فَذَلِكَ الَّذِي يشك بَعْض الشك ومنه ما يخَرَجَ كالذهب الأسود فَذَلِكَ الَّذِي افتتن» . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
"موعظة "
عباد الله كلنا ولله الحمد قَدْ رضي بِاللهِ ربًا وبالإسلام دينًا، وبمُحَمَّد نبيًا ورسولاً، وبالقرآن إمامًا، والكعبة قبلة، وبالْمُؤْمِنِينَ إِخوانًا وتبرأنَا من كُلّ دين يخالف دين الإِسْلام، وآمنا بكل كتاب أَنزله الله وبكل رسول أرسله الله، وبملائكة الله وبالقدر خيره وشره وبالْيَوْم الآخِر وبكل ما جَاءَ به مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الله، على ذَلِكَ نحيا وعَلَيْهِ نموت، وعَلَيْهِ نَبْعَث إنشاء الله من الآمنين الَّذِينَ لا خوف عَلَيْهمْ ولا هم يحزنون بفضله وكرمه.
ثُمَّ اعلموا معاشر الإِخْوَان أنَّه من رضي بِاللهِ ربًا لزمه أن يرضى بتدبيره، واختياره لَهُ، وبمر قضائه، وأَن يقنع بما قسم لَهُ من الرزق، وأن يداوم على طاعته، ويحافظ على فرائضه، ويجتنب محارمه، ويكون صابرًا عَنْدَ بلائه، موطنًا نَفْسهُ على ما يصيبه من الشدائد، بعيدًا كل البعد عَنْ نار الجزع، التي تتأجج فِي قلب كُلّ امرئ يجهل بارئه ومولاه.
فإن رَأَيْت نفسك أيها الأخ تريد أن تجزع عَنْدَ ملمة، فقف أمامها موقف الناصح القدير، أفهمها أنها هِيَ السبب فيما أنزل الله بها من بَلاء صغير أَوْ كبير.
وإن لم تصدقك فاقرأ عَلَيْهَا قول الله تَعَالَى:{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} فإنها إِذَا سمعت ذَلِكَ وجهت اللوم