للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن سرين: (ما كان ضحكٌ قط، إلا كان من بعده بكاءٌ) .

وقالت هند بنت النعمان: (لقد رأينا ونحن من أعز الناس وأشدهم ملكًا، ثم لم تغب الشمس حتى رأيتُنَا ونحن أقل الناس، وإنه حقٌ على الله أن لا يملأ دارًا خيرةً إلا ملأها عبرةً) .

وسألها رجل أن تحدثه عن أمرها فقالت: (أصبحنا ذات صباح وما في العرب أحد إلا يرجونا، ثم أمسينا وما في العرب أحد إلا يرحمنا) .

وبكت أختها حرقة بنت النعمان يومًا - وهي في عزها - فقيل لها: ما يبكيك؟ لعل أحد آذاك؟ قالت: (لا؛ ولكن رأيت غضارة في أهلي، وقلما امتلأت دار سرورًا إلا امتلأت حزنًا) .

قال إسحاق بن طلحة: (دخلت عليها يومًا فقلت لها: كيف رأيت عبرات الملوك؟ فقالت: ما نحن فيه اليوم خير مما كنا فيه بالأمس؛ إنا نجد في الكنب أنه ليس من أهل بيت يعيشون في خيرة، إلا سيعقبون بعدها عبرةً، وإن الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه إلا بطن لهم بيوم يكرهونه) . ثم قالت:

فَبَيْنَا نَسُوسُ النَّاسَ وَالأَمْرُ أَمْرُنَا ... إِذَا نَحْنُ فِيهِمْ سُوقَةٌ نَتَنَصَّفُ

فَأُفٍّ لِدُنْيَا لا يَدُومُ نَعِيمُهَا ... تَقَلَّبُ تَارَاتٍ بِنَا وَتَصَرَّفُ

ومن علاجها: أن يعلم أن الجزع لا يردها، بل يضافعها، وهو في الحقيقة من تزايد المرض.

ومن علاجها: أن يعلم أن فوت ثواب الصبر والتسليم - وهو من الصلاة والرحمة والهداية التي ضمنها الله على الصبر والاسترجاع - أعظم من المصيبة في الحقيقة.

ومن علاجها: أن يعلم أن الجزع يشمت عدوه، ويسيء صديقه،

<<  <  ج: ص:  >  >>