للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الشَّجَرَة اليابسة ورقها» . وقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «لا يلج النار أحد بكى من خشية الله حَتَّى يعود اللبن فِي الضرع ولا يجتمَعَ غبار فِي سبيل الله ودخان جهنم فِي مِنْخَرَى مُسْلِم» . رَوَاهُ الترمذي.

وروى ابن حبان فِي صحيحة والبيهقي فِي الشعب مِنْ حَدِيثِ أبي هريرة أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فيما يرويه عَنْ ربه قَالَ الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: «وعزتي وجلالي لا أجمَعَ على عبدي خوفين، ولا أجمَعَ لَهُ أمنين إن أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أخفته يوم القيامة وأنى خافني فِي الدُّنْيَا أمنته يوم القيامة» .

ومقامَاتَ الخوف تختلف فمِنْهُمْ من يغلب على قَلْبِهِ خوف الموت قبل التوبة والْخُرُوج من المظَالِم، وَمِنْهُمْ من يغلب عَلَيْهِ خوف الاستدراج بالنعم أَوْ خوف الميل عَنْ الاستقامة على ما يرضي الله، وقسم يغلب عَلَيْهِ خوف خاتمة السُّوء والعياذ بِاللهِ من ذَلِكَ، وأعلى من هَذَا خوف السابقة لأن الخاتمة فرع السابقة، وقَدْ قَالَ: هؤلاء فِي الْجَنَّة ولا أبالي وهؤلاء فِي النار ولا أبالي.

ومن أقسام الخائفين من يخاف سكرات الموت، وشدته لاسيما إِذَا كَانَ قَدْ عاين من يعاني سكرات الموت، وَمِنْهُمْ من يخاف عذاب القبر، وسؤال منكر ونكير، وَمِنْهُمْ من يخاف هيبة الوقوف بين يدي الله عَزَّ وَجَلَّ، والخوف من مناقشة الحساب، والعبور على الصراط والخوف من النار وأنكالها وأهوالها أَوْ حرمان الْجَنَّة أَوْ الحجاب عَنْ الله تَعَالَى وَهُوَ خوف العارفين.

وما قبل ذَلِكَ هُوَ خوف الزاهدين والعابدين، وخوف عموم الخلق يحصل بأصل الإِيمَان بالْجَنَّة والنار وكونهما دارَى جزاء على الطاعة والمعصية وضعف هَذَا الخوف بسبب الغَفْلَة والركون إِلَى الدنيا، والانهماك فيها، وضعف الإيمان، وتزول تلك الغَفْلَة بالتذكر والوعظ وَالإِرْشَاد وملازمة الفكر

<<  <  ج: ص:  >  >>