للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٧ - وَالْبِرِّ وَالتَّعْظِيمِ عِنْدَ الْخَلْقِ … وَحَمْلِهِ عَلَى التُّقَى وَالصِّدْقِ

١٦٨ - إِلَى سِوَى ذَاكَ مِنَ الْمَآثِرِ … وَالرُّتَبِ السَّامِيَةِ الْمَظَاهِرِ

١٦٩ - وَمَعَ ذَا فَإنَّ فِي الْعُلُومِ … لَذَّةَ الاسْتِيلَا عَلَى الْمَعْلُومِ

١٧٠ - وَذَاكَ فِيهِ رَاحَةُ الْقُلُوبِ … وَظَفَرُ النُّفُوسِ بِالْمَطْلُوبِ

عليه "و" كذلك يطلب لتحصيل "البر" والإحسان من الناس، "و" كذلك "التعظيم عند الخلق" فإن تعظيم العالم واجب على جميع المكلفين، إذ قام مقام النبي "و" يطلب العلم - أيضا - على هذا الوجه لـ "حمله" صاحبه "على التقى" المدرك بامتثال الأوامر واجتناب النواهي. وعدّ الناظم طلب التقوى بتعلم العلم مما يقصد من ذلك التعلم تبعا وبالقصد الثاني غير بين، لأن التقوى من اجل الاعمال المطلوبة شرعا والعبادات فكيف يعد طلبها بتعلم العلم مما يطلب تبعا وبالعرض والقصد الثاني؟ فكل علم تطلب به عبادة وعمل مطلوب شرعا فإنه علم شرعي سواء كان مما أخذ من النصوص الشرعية أو مما ثبت في الخلق من الآيات. والصحيح عد التقوى مما يطلب شرعا بالقصد الأول الأصلي في تعلم العلم الشرعي. "و" على "الصدق" في الأقوال والافعال، وهذا أيضا مثل التقوى فطلبه بالقصد الأول، لأنه عبادة. فالصدق مما تعبدنا سبحانه به.

"إلى سوى ذاك" الذي ذكر "من المآثر" جمع مأثرة - بفتح التاء وضمها -: المكرمة، وسميت مآثر لأنها تؤثر - أي تذكر ويأثرها قرن عن قرن يتحدثون بها "والرتب" جمع رتبة وهي الدرجة "السامية" العالية في واقع الأمر. وفي النفوس "المظاهر" يعني مظاهرها، أي ما يظهر منها للخلق "ومع" كل هـ"ذا"الذي ذكر من المآثر والمناقب الحميدة "فـ" يزاد عليه فائدة اخرى وهي "أن في العلوم" المحصلة في النفس والمكتسبة بالطلب وفي تعلم الاشياء والعلم بها "لذة" خاصة وهي لذة "الاستيلا على المعلوم" والحوز له. قال الزمخشري:

سهري لتحصيل العلوم ألذ لي … من لثم جارية وطول عناق

وصرير اقلامي على أوراقها … احلى من المايات والعشاق

وألذ من نقر الفتاة بعودها … نقري لنفض الرمل عن اوراقي

"وذاك" الاستيلاء على المطلوب وحوزه فيه "راحة القلوب" الراغبة فيه الطالبة له على حرقة "وظفر" أي فوز "النفوس" العطشى للعلم "بالمطلوب" المتعطش إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>