للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٥ - لِذَا أَشَدُّ الذَّمِّ ذَمُّ جَاحِدِ … مُكَذِّبٍ مَعْ عِلْمِهِ بِالْوَاحِدِ

١٦٦ - وَالتَّابِعِيُّ الْقَصْدُ لِلتَّشْرِيفِ … وَلإكْتِسَابِ الْمَنْصِبِ الْمُنِيفِ

و"لذا" الذي ذكر وهو أن العلم بالله أفضل العلوم كان "اشد الذم" والعذاب هو "ذم" كل "جاحد" لآيات الله ووجوب العبادة لله - تعالى - "مكذب" لما جاء به الرسل والانبياء عليهم الصلاة والسلام - "مع علمه" وإقراره "بالواحد" - جل وعلا - إلها، وخالقا، فيكون جامعا بين العلم والتكذيب فإن قيل: هذا متناقض فإنه لا يصح العلم مع التكذيب؟

قيل: بل قد يحصل العلم مع التكذيب، فإن الله قال في قوم موسى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: ١٤].

وقال {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦)} [البقرة: ١٤٦] وقال {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: ٢٠] فأثبت لهم المعرفة بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم بين انهم لا يؤمنون، وذلك مما يوضح أن الايمان غير العلم، كما أن الجهل غير الكفر (١).

في أن القصد الثاني في طلب الشارع تعلم العلم إنما هو حاصل بالتبع للقصد الأصلي الأول الذي تقدم ذكره. وفي بيان المراد بهذا التابع قال الناظم: "و" القصد "التابعي" للقصد الأول وقوله "التابعى" بياء النسب، لعل وجهه: أنه - التابعي - هو من قامت به صفة التبع، كما يقال صحابي فيمن اتصف بصحبته - صلى الله عليه وسلم - ومثله التابعي فيمن أتى بعد جيل الصحابة - هو "القصد" من طلب هذا العلم لتحصيله وإدراكه "للتشريف" والتعظيم من الخلق، فصاحب العلم صريف وإن لم يكن في أصله كذلك.

"و" كذلك يطلب على الوجه المذكور "لاكتساب" وإدراك "المنصب" يعني المقام، والمنصب لغة الأصل والمرجع والمنبت "المنيف" أي المعالي المرتفع، فبالعلم تدرك المقامات السامية بين الخلق، والواقع يشهد على هذا الأمر، فلا حاجة إلى التدليل


(١) الموافقات - الجزء الأول - ص ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>