للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٩١٤ - وَإِنْ بَدَا تَفَاوُتٌ فِيهَا اعْتُبِرْ … وَاحْتِيجَ فِيهِ لِبَيَانٍ وَافْتُقِرْ

٩١٥ - فَذَاكَ فِيمَا لَمْ يُحَدَّ أُطْلِقَا … بِحَسَبِ الْمُكَلَّفِينَ مُطْلَقَا

٩١٦ - فَصَارَ فِيهِ كلُّ شَخْصٍ كُلِّفَا … بِمُقْتَضى إِدْرَاكِهِ مُكَلَّفَا

وراء هذه الغاية؛ فإنها مظنة الضلال، ومزلة الأقدام (١).

"و" أما "إن بدا" أي ظهر "تفاوت" بين الناس في فهمها وإدراك المراد الشرعي منها "فيها" أي في هذه الشريعة يعنى في أمور منها وخصال وكان هذا التفاوت قد "اعتبر" شرعا، "و" ثبت بذلك أنه قد "احتيج فيه" أي في هذا التفاوت الحاصل في هذا الشأن "لبيان" أي إيضاح زائد على ما يفهمه الجمهور بإدراكه الأصلي "وافتقر" إليه فيه بحيث يتعذر فهمه إلا به، لأنه لا مطمع في أن يدركه الجمهور، أو يفهمه على الوجه المطلوب، فاختص بفهمه أهل العلم والنظر الدقيق، وبذلك فإن الشريعة لا يصح أن يقال بأنها جارية على وفق الجمهور في كل ما ورد فيها، بل فيها ما هو للعامة، وفيه ما هو للخاصة، وهم العلماء وهذا أمر مقطوع به. "فـ" الجواب عن هذا بأوجه منها: أن "ذاك" التفاوت إنما هو "فيما" من أمور هذه الشريعة "لم يحد" التكليف به بحد يوقف عنده بل "أطلقا" - بالبناء للمفعول - والألف فيه للإطلاق - أي لم يقيده، فصار مقتضاه يحدد "بحسب" حال نظر "المكلفين" وقوتهم العلمية والعملية "مطلقا" من غير حد. "فصار فيه كل شخص" سواء كان من العامة أو من الخواص "كلفا " يكون "بـ" حسب وقدر "مقتضى" وقوة "إدراكه" النظري والعلمي "مكلفا" لا يطلب منه ما يتخطى ذلك.

قال الشاطبي: فصار كل أحد فيها مطلوبا بإدراكه، فمن مدرك فيها أمرًا قريبًا فهو المطلوب منه، ومن مدرك فيها أمرا هو فوق الأول فهو المطلوب منه. وربما تفاوت الأمر فيها بحسب قدرة المكلف على الدوام فيما دخل فيه وعدم قدرته، فمن لا يقدر على الوفاء بمرتبة من مراتبه لم يؤمر بها، بل بما هو دونها ومن كان قادرًا على ذلك مطلوبا (٢)، وفي الأصل مزيد بيان واستدلال.


(١) الموافقات ٢ - ٦٧ - إلى ٦٩.
(٢) الموافقات ٢ - ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>