للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١١٢٢ - فَفِعْلُ مَا عَنْهُ يُرَى تَحْسِينُ … هَيْئَتِهِ أَنْ تَحْسُنَ الظُّنُونُ

١١٢٣ - إِنْ يَكُنِ الْقَصْدُ لَهُ مَتْبُوعَا … كانَ رِيَاءً فِعْلُهُ مَمْنُوعَا

١١٢٤ - وَحَيْثُ كانَ الْقَصْدُ تَابِعًا فَذَا … بِهِ لِأهْلِ الْعِلْمِ خُلْفٌ يُحْتَذَا

ونية. "فـ" أما الحالة الأولى فهي "فعل" المكلف وإتيانه "ما" أي فعلا تعبديا وهو يقصد منه الذي يترتب "عنه" من الحظ - حسبما "يرى" ويعتقد - وهو "تحسين هيئته" وصورته وشارته. و"أن تحسن" به "الظنون" أي ظنون الناس حتى يرى أنه ذو فضيلة ومنزلة. هذه الحالة حكمها مختلف باختلاف موضع هذا القصد من حيث كونه تابعا أو متبوعا.

فـ "ان يكن" هذا "القصد له" أي لهذا الحظ "متبوعا" بحيث يكون ذلك القصد هو الداعي لهذا الفعل - العمل - والمتبع في الكسب، فلا إشكال في أن ذلك "كان رياء"، وهو إظهار العمل لأجل كسب السمعة وثناء الناس عليه وطلب المنزلة في قلوبهم، ولا ريب أن ذلك معصية "فـ" كان "فعله" لذاك "ممنوعا" محرما. هذا إذا كان ذلك القصد متبوعا "و" أما "حيث كان القصد" له عني لنيل ذلك الحظ "تابعا" للمقصد الشرعي الأصلي الذي شرعت له تلك العبادة "فذا" الموضع قد ثبت "به" - الباء بمعنى في - يعني فيه - أي في حكمه - "لأهل العلم خلف يحتذى" يتبع لأنه خلف معتبر، لبناء المختلفين فيه ما ذهبوا إليه في شأنه من حكم على اعتبارات صحيحة في ذاتها.

قال الشاطبي: واختلف العلماء في هذا الأصل فوقع في "العتبية" في الرجل الذي يصلي لله ثم يقع في نفسه أنه يحب أن يعلم ويحب أن يلقى في طريق المسجد ويكره أن يلقى في طريق غيره فكره ربيعة هذا وعده مالك من قبيل الوسوسة العارضة للإنسان أي أن الشيطان يأتي للإنسان إذ سره مرأى الناس له على الخير فيقول له إنك لمراء وليس كذلك وإنما هو أمر يقع في قلبه لا يملك وقد قال تعالى {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} [طه: ٣٩] وقال عن إبراهيم عليه السلام {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤)} [الشُّعَرَاء: ٨٤] وفي حديث ابن عمر وقع في نفسي أنها النخلة فأردت أن أقولها فقال عمر لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا وطلب العلم عبادة قال ابن العربي سألت شيخنا الإمام أبا منصور الشيرازي الصوفي عن قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} [البَقَرَة: ١٦٠] ما بينوا قال أظهروا أفعالهم للناس بالصلاح والطاعات قلت ويلزم ذلك قال نعم لتثبت أمانته وتصح إمامته وتقبل شهادته قال ابن العربي ويقتدى به غيره فهذه الأمور وما كان مثلها تجري هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>