للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١١٢٥ - وَيفعْلُ مَا يَخْتَصُّ بِالإِنْسَانِ … فِي نَفْسِهِ فِي كُلِّ شأْنٍ شَانِ

١١٢٦ - مَعْ غَفْلَةٍ عَنِ الْمُرَاءَاةِ بِمَا … يُفْعَلُ كَالصِّيَامِ قَصْدًا لِلنَّمَا

١١٢٧ - فِيهِ مَجَالٌ لاجْتِهَادٍ وَنَظَرْ … وَالأظْهَرُ التَّصْحِيحُ عِنْدَ مَنْ نَظَرْ

المجرى والغزالي يجعل مثل هذا مما لا تتخلص فيه العبادة هذا شأن الحالة الأولى (١).

هذا شأن الحالة الأولى "و" أما الثانية فهي "فعل ما يختص بالإنسان في نفسه" من حظوظ ورغبات "في كل شأن شأن" كيفما كان "مع غفلة" منه وانقطاع "عن المراءاة" للناس "بما" أي فيما "يفعل" وذلك "كالصيام قصدا" لتوفير المال "لـ" تحصيل "النما" فيه - أي الزيادة -، وكالصلاة في المسجد للأنس بالجيران أو الصلاة بالليل لمراقبة أو مراصدة مطالع النجوم. وكالصدقة للذة السخاء والتفضل على الناس، والحج لرؤية البلاد، والاستراحة من الأنكاد، أو التجارة، أو لتبرمه بأهله وولده أو إلحاح الفقر.

وكالهجرة مخافة الضرر في النفس أو الأهل أو المال. وكتعليم العلم ليحتمي به من الظلم أو كالوضوء تبردا أو الاعتكاف فرارا من الكراء أو عيادة المرضى والصلاة على الجنائز ليفعل به ذلك، وتعليم العلم ليتخلص من كرب الصمت وليتفرج بلذة الحديث. وكالحج ماشيا ليتوفر له الكراء وما جرى مجرى ذلك مما مداره على الحظوظ النفسية الراجعة إلى ما يخص الإنسان في نفسه من غير التفات إلى ما سواها.

وما كان من الأفعال على هذه الحالة فـ "فيه" يعني في حكمه اختلاف بين أهل العلم، قد تعارض فيه الخلو من الرياء المقتضي للفساد، والخلو من الإخلاص الصرف الموجب للصحة، فثبت لذلك أنه "مجال" ومسرح لـ"اجتهاد ونظر" فقهي. وقد التزم الغزالي في هذا وما شابهه أنه خارج عن الإخلاص، لكن بشرط أن يصير العمل عليه أخف بسب هذه الأغراض.

"و" لكن الأمر "الأظهر" والأوضح في هذا الشأن هو "التصحيح" لهذا العمل أي الحكم بصحته "عند من نظر" في هذه المسألة النظرة الفقهية التي مبتناها على الأدلة النقلية، وأمر انفكاك القصدين. والى هذا ذهب ابن العربي إذ يرى في حكم هذه المسألة خلاف هذا الذي ذهب إليه الغزالي. قال الشاطبي - بعدما أورد هذا الذي ذهب إليه


(١) الموافقات/ ج ٢/ ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>