للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى قيل هو مسجد قباء أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى فيه أيام مقامه بقباء، وهي يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وخرج يوم الجمعة، وهو أولى، لأنّ الموازنة بين مسجدى قباء أوقع. وقيل: هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة: وعن أبى سعيد الخدري: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الذي أسس على التقوى، فأخذ حصباء فضرب بها الأرض وقال: هو مسجدكم هذا مسجد «١» المدينة مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ من أول يوم من أيام وجوده فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا قيل لما نزلت مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه المهاجرون حتى وقف على باب مسجد قباء، فإذا الأنصار جلوس فقال: أمؤمنون أنتم؟ فسكت القوم، ثم أعادها: فقال عمر:

يا رسول الله إنهم لمؤمنون وأنا معهم. فقال صلى الله عليه وسلم: أترضون بالقضاء؟ قالوا:

نعم. قال: أتصرون على البلاء؟ قالوا: نعم. قال: أتشكرون في الرخاء؟ قالوا: نعم. قال:

صلى الله عليه وسلم: مؤمنون ورب الكعبة. فجلس ثم قال: يا معشر الأنصار، إن الله عزّ وجلّ قد أثنى عليكم فما الذي تصنعون عند الوضوء وعند الغائط، فقالوا يا رسول الله، نتبع الغائط الأحجار الثلاثة، ثم نتبع الأحجار الماء. فتلا النبي صلى الله عليه وسلم رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا «٢» وقرئ: أن يطهروا، بالإدغام. وقيل: هو عام في التطهر من النجاسات كلها. وقيل:

كانوا لا ينامون الليل على الجنابة، ويتبعون الماء أثر البول. وعن الحسن: هو التطهر من الذنوب بالتوبة. وقيل: يحبون أن يتطهروا بالحمى المكفرة لذنوبهم، فحموا عن آخرهم. فإن قلت: ما معنى المحبتين؟ قلت: محبتهم للتطهر أنهم يؤثرونه ويحرصون عليه حرص المحب للشيء المشتهى له على إيثاره. ومحبة الله تعالى إياهم: أنه يرضى عنهم ويحسن إليهم، كما يفعل المحب بمحبوبه.

[[سورة التوبة (٩) : آية ١٠٩]]

أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠٩)

قرئ أَسس بنيانه، وأُسس بنيانه، على البناء للفاعل والمفعول. وأسس بنيانه، جمع أساس.


(١) . رواه مسلم بلفظه.
(٢) . لم أجده هكذا: وكأنه ملفق من حديثين: ذكر المخرج أولهما من الطبراني في الأوسط قال: حدثنا الهيثم ابن خلف الدوري بسنده إلى ابن عباس رضى الله عنهما قال «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر. ومعه أناس، فقال: أمؤمنون أنتم؟ فسكتوا، ثلاث مرات، فقال عمر رضى الله عنه يا رسول الله، نؤمن بما أتيتنا به ونحمد الله في الرخاء، ونصبر في البلاء، ونرضى بالقضاء، فقال مؤمنون ورب الكعبة» انتهى، وهذا فيه من المخالفة بين السياقين ما لا يخفى، وأما الثاني، فروى ابن مردويه من طريق ابن عباس نحوه