رِسالاتِ رَبِّي ما أوحى إلىّ في الأوقات المتطاولة، أو في المعاني المختلفة من الأوامر والنواهي والمواعظ والزواجر والبشائر والنذائر. ويجوز أن يريد رسالاته إليه وإلى الأنبياء قبله من صحف جدّه إدريس، وهي ثلاثون صحيفة، ومن صحف شيث وهي خمسون صحيفة وَأَنْصَحُ لَكُمْ يقال نصحته ونصحت له. وفي زيادة اللام مبالغة ودلالة على إمحاض النصيحة وأنها وقعت خالصة للمنصوح له مقصوداً بها جانبه لا غير، فرب نصيحة ينتفع بها الناصح فيقصد النفعين جميعاً ولا نصيحة أمحض من نصيحة الله تعالى ورسله عليهم السلام وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ أى من صفات الله وأحواله، يعنى قدرته الباهرة وشدّة بطشه على أعدائه، وأن بأسه لا يردّ عن القوم المجرمين. وقيل: لم يسمعوا بقوم حلّ بهم العذاب قبلهم فكانوا آمنين لا يعلمون ما علمه نوح بوحي الله إليه، أو أراد: وأعلم من جهة الله أشياء لا علم لكم بها قد أوحى إلىّ بها.
أَوَعَجِبْتُمْ الهمزة للإنكار، والواو للعطف، والمعطوف عليه محذوف، كأنه قيل:
أكذبتم وعجبتم أَنْ جاءَكُمْ من أن جاءكم ذِكْرٌ موعظة مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ على لسان رجل منكم، كقوله ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وذلك أنهم يتعجبون من نبوّة نوح عليه السلام ويقولون: ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين، يعنون إرسال البشر، ولو شاء ربنا لأنزل ملائكة لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا ليحذركم عاقبة الكفر وليوجد منكم التقوى وهي الخشية بسبب الإنذار وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ولترحموا بالتقوى إن وجدت منكم.
وَالَّذِينَ مَعَهُ قيل كانوا أربعين رجلا وأربعين امرأة. وقيل: تسعة، بنوه سام وحام ويافث، وستة ممن آمن به. فإن قلت: فِي الْفُلْكِ بم يتعلق؟ قلت: هو متعلق بمعه، كأنه قيل: والذين استقروا معه في الفلك أو صحبوه في الفلك. ويجوز أن يتعلق بفعل الإنجاء، أى أنجيناهم في السفينة من الطوفان عَمِينَ عمى القلوب غير مستبصرين. وقرئ: عامين. والفرق بين العمّى والعامىّ، أن العمى يدل على عمى ثابت. والعامي على عمى حادث. ونحوه قوله وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ.