حاضرة، حتى لا تحتاجوا إلى الاستعانة وطلب المراعاة، أو واسمعوا سماع قبول وطاعة، ولا يكن سماعكم مثل سماع اليهود حيث قالوا: سمعنا وعصينا، أو واسمعوا ما أمرتم به بجدّ حتى لا ترجعوا إلى ما نهيتم عنه، تأكيدا عليهم ترك تلك الكلمة. وروى أن سعد بن معاذ سمعها منهم فقال: يا أعداء اللَّه، عليكم لعنة اللَّه، والذي نفسي بيده لئن سمعتها من رجل منكم يقولها لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لأضربن عنقه. فقالوا: أو لستم تقولونها «١» فنزلت. وَلِلْكافِرِينَ ولليهود الذين تهاونوا برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وسبوه عَذابٌ أَلِيمٌ من الأولى للبيان لأنّ الذين كفروا جنس تحته نوعان: أهل الكتاب، والمشركون كقوله تعالى:(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) والثانية مزيدة لاستغراق الخير، والثالثة لابتداء الغاية.
والخير الوحى، وكذلك الرحمة كقوله تعالى:(أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) والمعنى: أنهم يرون أنفسهم أحق بأن يوحى إليهم فيحسدونكم وما يحبون أن ينزل عليكم شيء من الوحى واللَّه يختص بالنبوّة مَنْ يَشاءُ ولا يشاء إلا ما تقتضيه الحكمة وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ إشعار بأنّ إيتاء النبوّة من الفضل العظيم كقوله تعالى: (إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً) .
(١) . أخرجه أبو نعيم في الدلائل من رواية محمد بن مروان السدى عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس. في قوله تعالى: (لا تَقُولُوا راعِنا) قال «راعنا» بلسان اليهود السب القبيح- فكانت اليهود تقولها لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سراً. فلما سمعها أصحابه أعلنوا بها. فكانوا يقولونها ويضحكون منها: فسمعها سعد بن معاذ منهم. قال فذكره. والسدى هذا الصغير متروك. وكذا شيخه.