للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَتَّى حِينٍ تفسيره قوله تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فاستكبروا عن امتثاله. وقرئ: الصعقة وهي المرّة، من مصدر صعقتهم الصاعقة: والصاعقة النازلة نفسها وَهُمْ يَنْظُرُونَ كانت نهارا يعاينونها. وروى أن العمالقة كانوا معهم في الوادي ينظرون إليهم وما ضرّتهم فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ كقوله تعالى فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ وقيل: هو من قولهم: ما يقوم به، إذا عجز عن دفعه مُنْتَصِرِينَ ممتنعين من العذاب.

[[سورة الذاريات (٥١) : آية ٤٦]]

وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٤٦)

وَقَوْمَ قرئ بالجر على معنى: وفي قوم نوح وتقوّيه قراءة عبد الله: وفي قوم نوح. وبالنصب على معنى: وأهلكنا قوم نوح، لأنّ ما قبله يدل عليه. أو واذكر قوم نوح.

[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٤٧ الى ٤٨]

وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (٤٨)

بِأَيْدٍ بقوّة. والأيد والآد: القوّة. وقد آد يئيد وهو أيد وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ لقادرون، من الوسع وهو الطاقة. والموسع: القوى على الإنفاق. وعن الحسن: لموسعون الرزق بالمطر.

وقيل: جعلنا بينها وبين الأرض سعة فَنِعْمَ الْماهِدُونَ فنعم الماهدون نحن.

[[سورة الذاريات (٥١) : آية ٤٩]]

وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩)

وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ أى من كل شيء من الحيوان خَلَقْنا زَوْجَيْنِ ذكرا وأنثى. وعن الحسن: السماء والأرض، والليل والنهار، والشمس والقمر، والبر والبحر، والموت والحياة، فعدّد أشياء وقال: كل اثنين منها زوج، والله تعالى فرد لا مثل له لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ أى فعلنا ذلك كله من بناء السماء وفرش الأرض وخلق الأزواج إرادة أن تتذكروا فتعرفوا الخالق وتعبدوه.

[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٥٠ الى ٥١]

فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١)

فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ أى إلى طاعته وثوابه «١» من معصيته وعقابه، ووحدوه ولا تشركوا به


(١) . قال محمود: «معنى ففروا إلى الله، أى: إلى طاعته من معصيته وإلى ثوابه … الخ» قال أحمد:
حمل الآية ما لم تحمله، لأنه لا يكاد يخلى سورة حتى يدس في تفسيرها بيده إلى معتقده، فدس هاهنا القطع بوعيد الفساق وبخلودهم كالكفار، ولا تحتمل الآية لما ذكر، فان العناية في قوله فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ الفرار إلى عبادة الله فتوعد من لم يعبد الله، ثم نهي عابده أن يشرك بعبادة ربه غيره، وتوعده على ذلك. وفائدة تكرار النذارة الدلالة على أنه لا تنفع العبادة مع الاشراك، بل حكم المشرك حكم الجاحد المعطل، لا كما قال الزمخشري: المأمور به في الأول الطاعة الموظفة بعد الايمان، فتوعد تاركها بالوعيد المعروف له وهو الخلود. وعلى هذا لا يكون تكرارا على اختلاف الوعيدين، فهو أولى، فكيف يحمل الآية على خلاف ما هو أولى بها، ليتم الاستدلال بها على معتقده الفاسد، نعوذ بالله من ذلك.