وقيل: أريد يوم نزولها، وقد نزلت يوم الجمعة، وكان يوم عرفة بعد العصر في حجة الوداع يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ يئسوا منه أن يبطلوه وأن ترجعوا محللين لهذه الخبائث بعد ما حرّمت عليكم. وقيل: يئسوا من دينكم أن يغلبوه لأن اللَّه عز وجل وفي بوعده من إظهاره على الدين كله فَلا تَخْشَوْهُمْ بعد إظهار الدين وزوال الخوف من الكفار وانقلابهم مغلوبين مقهورين بعد ما كانوا غالبين وَاخْشَوْنِي وأخلصوا لي الخشية أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ كفيتكم أمر عدوّكم، وجعلت اليد العليا لكم، كما تقول الملوك: اليوم كمل لنا الملك وكمل لنا ما نريد، إذا كفوا من ينازعهم الملك ووصلوا إلى أغراضهم ومباغيهم. أو أكملت لكم ما تحتاجون إليه في تكليفكم من تعليم الحلال والحرام والتوقيف على الشرائع وقوانين القياس وأصول الاجتهاد وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) بفتح مكة ودخولها آمنين ظاهرين، وهدم منار الجاهلية ومناسكهم وأن لم يحجّ معكم مشرك، ولم يطف بالبيت عريان. أو أتممت نعمتي عليكم بإكمال أمر الدين والشرائع كأنه قال: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي بذلك، لأنه لا نعمة أتمّ من نعمة الإسلام وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً يعنى اخترته لكم من بين الأديان، وآذنتكم بأنه هو الدين المرضى وحده (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) ، (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) . فإن قلت: بم اتصل قوله فَمَنِ اضْطُرَّ؟ قلت: بذكر المحرّمات. وقوله:(ذلِكُمْ فِسْقٌ) اعتراض أكد به معنى التحريم، وكذلك ما بعده لأن تحريم هذه الخبائث من جملة الدين الكامل والنعمة التامة والإسلام المنعوت بالرضا دون غيره من الملل. ومعناه: فمن اضطرّ إلى الميتة أو إلى غيرها فِي مَخْمَصَةٍ في مجاعة غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ غير منحرف إليه، كقوله:(غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) . فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لا يؤاخذه بذلك.