للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غلطهم وإن لم يقدروا الله حق قدره بقوله هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ كأنه قال: أين الذين ألحقتم به شركاء من هذه الصفات وهو راجع إلى الله وحده. أو ضمير الشأن، كما في قوله تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.

[[سورة سبإ (٣٤) : آية ٢٨]]

وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٨)

إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ إلا إرسالة عامة لهم محيطة بهم، لأنها إذا شملتهم فقد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم. وقال الزجاج المعنى أرسلناك جامعا للناس في الإنذار والإبلاغ، فجعله حالا من الكاف وحق التاء على هذا أن تكون للمبالغة كتاء الراوية والعلامة، ومن جعله حالا من المجرور متقدّما عليه فقد أخطأ، لأنّ تقدم حال المجرور عليه في الإحالة بمنزلة تقدم المجرور على الجار، وكم ترى ممن يرتكب هذا الخطأ ثم لا يقع به حتى بضم إليه أن يجعل اللام بمعنى إلى، لأنه لا يستوي له الخطأ الأوّل إلا بالخطإ الثاني، فلا بد له من ارتكاب الخطأين.

[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٢٩ الى ٣٠]

وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٩) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ (٣٠)

قرئ: ميعاد يوم. وميعاد يوم. وميعاد يوما. والميعاد: ظرف الوعد من مكان أو زمان، وهو هاهنا الزمان. والدليل عليه قراءة من قرأ: ميعاد يوم فأبدل منه اليوم. فإن قلت: فما تأويل من أضافه إلى يوم، أو نصب يوما؟ قلت. أما الإضافة فإضافة تبيين، كما تقول: سحق ثوب، وبعير سانية. وأما نصب اليوم فعلى التعظيم بإضمار فعل تقديره: لكم ميعاد، أعنى يوما أو أريد يوما من صفته كيت وكيت. ويجوز أن يكون الرفع على هذا، أعنى التعظيم. فإن قلت:

كيف انطبق هذا جوابا على سؤالهم؟ قلت: ما سألوا عن ذلك وهم منكرون له إلا تعنتا، لا استرشادا، فجاء الجواب على طريق التهديد مطابقا لمجيء السؤال على سبيل الإنكار والتعنت، وأنهم مرصدون ليوم يفاجئهم. فلا يستطيعون تأخرا عنه ولا تقدّما عليه.

[[سورة سبإ (٣٤) : آية ٣١]]

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (٣١)