لَكُمْ متعلق بأنزل، أو بشراب، خبراً له. والشراب ما يشرب شَجَرٌ يعنى الشجر الذي ترعاه المواشي. وفي حديث عكرمة: لا تأكلوا ثمن الشجر فإنه سحت «١» . يعنى الكلأ تُسِيمُونَ من سامت الماشية إذا رعت، فهي سائمة، وأسامها صاحبها، وهو من السومة وهي العلامة، لأنها تؤثر بالرعي علامات في الأرض. وقرئ: ينبت، بالياء والنون. فإن قلت:
لم قيل وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ؟ قلت: لأنّ كل الثمرات لا تكون إلا في الجنة، وإنما أنبت في الأرض بعض من كلها للتذكرة يَتَفَكَّرُونَ ينظرون فيستدلون بها عليه وعلى قدرته وحكمته.
والآية: الدلالة الواضحة. وعن بعضهم: ينبت، بالتشديد. وقرأ أبىّ بن كعب: ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب، بالرفع.
قرئت كلها بالنصب على: وجعل النجوم مسخرات. أو على أنّ معنى تسخيرها للناس:
تصييرها نافعة لهم، حيث يسكنون بالليل، ويبتغون من فضله بالنهار، ويعلمون عدد السنين والحساب بمسير الشمس والقمر، ويهتدون بالنجوم. فكأنه قيل: ونفعكم بها في حال كونها مسخرات لما خلقن له بأمره. ويجوز أن يكون المعنى: أنه سخرها أنواعا من التسخير جمع مسخر، بمعنى تسخير، من قولك: سخره الله مسخراً، كقولك: سرحه مسرحاً، كأنه قيل: وسخرها لكم تسخيرات بأمره. وقرئ بنصب الليل والنهار وحدهما، ورفع ما بعدهما على الابتداء والخبر.
وقرئ: والنجوم مسخرات، بالرفع. وما قبله بالنصب، وقال إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فجمع الآية. وذكر العقل، لأنّ الآثار العلوية أظهر دلالة على القدرة الباهرة، وأبين شهادة للكبرياء والعظمة.
(١) . أخرجه أبو عبيد في الأحوال عنه موقوفا. وزاد نحوه. وروى عبد الرزاق من طريق وهب بن منبه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اتقوا السحت قالوا: وما السحت؟ قال: بيع الشجر، وثمن الخمر، وإجارة الأمة المساحقة.