وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر وكقوله: قد صرح السر عن كتمان وابتذلت … وضع المحاجن بالمهرية الدقن فالحقيقة أن الضياطرة تشقى بالرماح، والمهرية تبتذل بالمحاجن، فعدل عن ذلك تنبيهاً على أن الرماح قد تنفصل وتنقصف في أجوافهم، فعبر عن ذلك بالشقاء، وأن المحاجن كثيرا ما ترفع وتوضع وتستعمل في ضرب المهرية، وربما تمزقت عن ذلك فجعل ذلك ابتذالا لها، وقد حام أبو الطيب حول هذا النوع كثيراً في أمثال قوله: والسيف يشقى كما تشقى الضلوع به … وللسيوف كما للناس آجال والمراد بشقاء السيف: انقطاعه في أضلاع المضروب، كما صرح بذلك في قوله: طوال الردينيات يقصفها دمى … وبيض السريجيات يقطعها لحمى الوجه الثاني: قلب معرى عن هذا المعنى البليغ، ولذلك لا يستفصح، كقولهم: خرق الثوب المسمار وأشباهه، وعلى الوجه الأول الأفصح جاءت الآية على هذه القراءة، وهو الوجه الرابع من وجوه الزمخشري، وفي طيه من المبالغة ما نبهت عليه. وأما الوجه الثاني وهو «أن ما لزمك فقد لزمته» ففيه نظر من حيث أن اللزوم قد يكون من أحد الطرفين دون الآخر، ولزوم موسى عليه السلام لقول الحق من هذا النمط، وأما الوجه الثالث فلا يلائم بين القراءتين، وقد ذكر لها وجه خامس: وهو أن يكون «على» بمعنى الباء، ونقل «رميت على القوس» بمعنى رميت بالقوس، وهو وجه حسن ملائم، والله أعلم. ويشهد له قراءة أبى: حقيق بأن لا أقول.