للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجلان: مصعب بن عمير، وسويد بن حرملة: كانوا يقولون: نحن صم بُكم عُمى عما جاء به محمد، لا نسمعه ولا نجيبه، فقتلوا جميعا بأحد، وكانوا أصحاب اللواء. وعن ابن جريج: هم المنافقون.

وعن الحسن: أهل الكتاب.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٢٤]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)

إِذا دَعاكُمْ وحد الضمير كما وحده فيما قبله، لأن استجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كاستجابته، وإنما يذكر أحدهما مع الآخر للتوكيد، والمراد بالاستجابة. الطاعة والامتثال.

وبالدعوة: البعث والتحريض. وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على باب أبىّ ابن كعب فناداه وهو في الصلاة فعجل في صلاته ثم جاء فقال: ما منعك عن إجابتى؟ قال: كنت أصلى. قال: ألم تخبر فيما أوحى إلىّ اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ قال: لا جرم لا تدعوني إلا أجبتك «١» . وفيه قولان، أحدهما: إن هذا مما اختص به رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني أن دعاءه كان لأمر لم يحتمل التأخير، وإذا وقع مثله للمصلي فله أن يقطع صلاته لِما يُحْيِيكُمْ من علوم الديانات والشرائع، لأن العلم حياة، كما أنّ الجهل موت. ولبعضهم:

لَا تُعْجِبَنَّ الْجَهُولَ حُلَّتُهُ … فَذَاكَ مَيْتٌ وَثَوْبُهُ كَفَنُ «٢»

وقبل لمجاهدة الكفار، لأنهم لو رفضوها لغلبوهم وقتلوهم، كقوله وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ وقيل للشهادة، لقوله بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ يعنى أنه يميته فتفوته الفرصة التي هو واجدها «٣» وهي التمكن من إخلاص القلب ومعالجة أدوائه وعلله ورده سليما كما يريده الله، فاغتنموا هذه الفرصة، وأخلصوا قلوبكم لطاعة الله ورسوله وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ فيثيبكم على حسب سلامة القلوب وإخلاص الطاعة. وقيل:


(١) . أخرجه الترمذي والنسائي دون قوله: لا جرم إلى آخره وأخرجه ابن مردويه من الوجه الذي أخرجه منه الترمذي وفي آخره قال «انى لا جرم يا رسول الله لا تدعوني إلا أجبتك هو إن كنت أصلى» وفي الباب عن أبى سعيد ابن الحكم، أخرجه البخاري بغير هذا السياق واقتصر عليه الطيبي.
(٢) . للزمخشري، نهي للجهول عن العجب والخيلاء بثيابه، لأنه كالميت في عدم النفع وعدم الإدراك، ويلزم من ذلك أن ثوبه الذي يعجب به كالكفن، حيث اشتمل على جسم لا إدراك فيه ولا نفع. والميت هنا بالتخفيف.
(٣) . قال محمود: «معناه أنه يميته فتفوته الفرصة التي هو واجدها … الخ» قال أحمد رحمه الله: نعم، هذا عقد أهل السنة الذي استعار لهم لقب المجبرة، وهو العقد الحق المؤسس على التقوى وتفويض المخلوقات كلها إلى الواحد الحق خالق الخلق، فان كان ذلك ظلما فأنا بريء من الطائفة المتسمية بالعدلية، إصراراً على هذا الرأى الباطل والمعتقد الماحل، والله الموفق.