أَهْلُ الْمَدِينَةِ أهل سدوم التي ضرب بقاضيها المثل في الجور، مستبشرين بالملائكة فَلا تَفْضَحُونِ بفضيحة ضيفي، لأنّ من أساء إلى ضيفه أو جاره فقد أساء إليه، كما أن من أُكرم من يتصل به فقد أُكرم وَلا تُخْزُونِ ولا تذلونِ بإذلال ضيفي، من الخزي وهو الهوان. أو ولا تشوّروا «١» بى، من الخزاية وهي الحياء عَنِ الْعالَمِينَ عن أن تجير منهم أحداً، أو تدفع عنهم، أو تمنع بيننا وبينهم، فإنهم كانوا يتعرّضون لكل أحد، وكان يقوم صلى الله عليه وسلم بالنهى عن المنكر، والحجر بينهم وبين المتعرّض له، فأوعدوه وقالوا: لئن لم تنته يا لوط لتكوننّ من المخرجين. وقيل: عن ضيافة الناس وإنزالهم، وكانوا نهوه أن يضيف أحداً قط هؤُلاءِ بَناتِي إشارة إلى النساء، لأنّ كل أمّة أولاد نبيها رجالهم بنوه ونساؤهم بناته، فكأنه قال لهم: هؤلاء بناتي فانكحوهنّ، وخلوا بنىّ فلا تتعرضوا لهم إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ شك في قبولهم لقوله، كأنه قال: إن فعلتم ما أقول لكم وما أظنكم تفعلون. وقيل: إن كنتم تريدون قضاء الشهوة فيما أحل الله دون ما حرّم لَعَمْرُكَ على إرادة القول، أى قالت الملائكة للوط عليه السلام: لعمرك إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ أى غوايتهم التي أذهبت عقولهم وتمييزهم بين الخطإ الذي هم عليه وبين الصواب الذي تشير به عليهم، من ترك البنين إلى البنات يَعْمَهُونَ
(١) . قوله «ولا تشوروا بى» في الصحاح «الشوار» فرج المرأة والرجل. ومنه قيل: شور به، أى كأنه أبدى عورته (ع)