للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى أنه يحاسب الخلق في قدر حلب شاة: وروى في مقدار فواق نافة. وروى في مقدار لمحة.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٢٠٣]]

وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣)

الأيام المعدودات. أيام التشريق، وذكر اللَّه فيها: التكبير في أدبار الصلوات وعند الجمار.

وعن عمر رضى اللَّه عنه: أنه كان يكبر في فسطاطه بمنى فيكبر من حوله، حتى يكبر الناس في الطريق وفي الطواف فَمَنْ تَعَجَّلَ فمن عجل في النفر أو استعجل النفر. وتعجل، واستعجل:

يجيئان مطاوعين بمعنى عجل. يقال: تعجل في الأمر واستعجل: ومتعديين، يقال: تعجل الذهاب واستعجله. والمطاوعة أوفق لقوله: (وَمَنْ تَأَخَّرَ) كما هي كذلك في قوله:

قَدْ يُدْرِكُ الْمُتَأَنِّى بَعْضَ حَاجَتِهِ … وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْمُسْتَعجِلِ الزَّلَلُ «١»

لأجل المتأنى فِي يَوْمَيْنِ بعد يوم النحر يوم القرّ «٢» وهو اليوم الذي يسميه أهل مكة يوم الرؤوس، واليوم بعده ينفر إذا فرغ من رمى الجمار كما يفعل الناس اليوم وهو مذهب الشافعي ويروى عن قتادة. وعند أبى حنيفة وأصحابه ينفر قبل طلوع الفجر وَمَنْ تَأَخَّرَ حتى رمى في اليوم الثالث. والرمي في اليوم الثالث يجوز تقديمه على الزوال عند أبى حنيفة. وعند الشافعي


(١) .
والناس من يلق خيراً قائلون له … ما يشتهى ولأم المخطئ الهبل
قد يدرك المتأنى بعض حاجته … وقد يكون مع المستعجل الزلل
وربما فات قوم جل أمرهم … من التأنى وكان الرأى لو عجلوا
للقطامى وقيل للأعشى. والناس مبتدأ. ومن يلق- يصب- خيراً، شرط حذف صدر جوابه، أى فهم قائلون له، والجملة خبر المبتدأ. ما يشتهى، أى الذي يريده من الدعاء بخير أو من المدح. وروى: ما تشتهي، فلعل معناه يقولون له: ما تشتهيه أنت يا مخاطب. ويجوز أن «ما» استفهامية، أى ما الذي تريده يا من لقيت الخير، لكن تبعده المقابلة. وهبلت المرأة هبلا، كتعبت تعباً: ثكلت ولدها وفقدته فحزنت عليه. أى ويقال لأم المخطئ الثكلى، فهو دعاء عليها بموت ولدها. ثم قال:
قد يدرك المنهل بعض قصده … وقد يكون مع المتعجل الخطأ
وعجلته فتعجل واستعجل، ويتعديان أيضاً فيقال: تعجل الأمر واستعجله. ثم قال: وقد يفوت قوما معظم قصدهم بسبب التأنى وكان الرأى الصواب عجلتهم، فلو مصدرية. والمعنى أن بعض الحاجات يناسبها التمهل، وبعضها التعجل.
ويجوز أن «لو عجلوا» هو اسم كان والرأى بالنصب خبرها. وروى بدله الحزم، والمعنى متقارب. وفي الكلام نوع بديعى يسمى العكس والتبديل، وهو الإتيان بنقيض المعنى المشهور كما هنا، فان مدح التأنى هو المشهور، ومدح العجلة يناقضه. أفاده السيوطي في شرح عقود الجمان.
(٢) . قوله «يوم النحر يوم القر» في الصحاح: لأن الناس يقرون في منازلهم. (ع)