للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سورة التحريم]

مدنية، وتسمى سورة النبي صلى الله عليه وسلم وهي ثنتا عشرة آية [نزلت بعد الحجرات] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة التحريم (٦٦) : الآيات ١ الى ٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢)

روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا بمارية في يوم عائشة، وعلمت بذلك حفصة، فقال لها: اكتمي علىّ، وقد حرمت مارية على نفسي «١» ، وأبشرك أن أبا بكر وعمر يملكان


(١) . «نقل الزمخشري في سبب نزولها أنه عليه السلام خلا بمارية في يوم عائشة وعلمت بذلك حفصة، فقال لها: اكتمي علىّ وقد حرمت مارية على نفسي … الخ» قال أحمد: ما أطلقه الزمخشري في حق النبي صلى الله عليه وسلم تقول وافتراء، والنبي صلى الله عليه وسلم منه براء، وذلك أن تحريم ما أحله الله على وجهين: اعتقاد ثبوت حكم التحريم فيه، فهذا بمثابة اعتقاد حكم التحليل فيما حرمه الله عز وجل، وكلاهما محظور لا يصدر من المتسمين بسمة الايمان، وإن صدر سلب المؤمن حكم الايمان واسمه. الثاني: الامتناع مما أحله عز وجل، وحمل التحريم بمجرده صحيح، لقوله وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ
أى منعنا لا غير، وقد يكون مؤكدا باليمين مع اعتقاد حله، وهذا مباح صرف وحلال محض، ولو كان على المنع ترك المباح والامتناع منه غير مباح استحالت حقيقة الحال بلا إشكال، فإذا علمت بون ما بين القسمين، فعلى القسم الثاني تحمل الآية، والتفسير الصحيح يعضده، فان النبي صلى الله عليه وسلم حلف بالله لا أقرب مارية، ولما نزلت الآية كفر عن يمينه، ويدل عليه: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وقال مالك في المدونة: عن زيد بن أسلم إنما كفر النبي صلى الله عليه وسلم في تحريمه أم ولده، لأنه حلف أن لا يقربها. ومثله عن الشعبي، وهذا المقدار مباح ليس في ارتكابه جناح، وإنما قيل له: لم تحرم ما أحل الله لك، رفقا به وشفقة عليه، وتنويها لقدره ولمنصبه صلى الله عليه وسلم: أن يراعى مرضات أزواجه بما يشق عليه، جريا على ما ألف من لطف الله تعالى بنبيه ورفعه عن أن يحرج بسبب أحد من البشر الذين هم أتباعه ومن أجله خلقوا، ليظهر الله كمال نبوته بظهور نقصانهم عنه، والزمخشري قطعا لم يحمل التحريم على هذا الوجه، لأنه جعله زلة، فيلزمه أن يحمله على المحمل الأول، ومعاذ الله وحاش لله وإن آحاد المؤمنين يحاشى عن أن يعتقد تحريم ما أحل الله له، فكيف لا يربأ بمنصب النبي عليه السلام عما يرتفع عنه منصب عامة الأمة، وما هذه من الزمخشري إلا جراءة على الله ورسوله، وإطلاق القول من غير تحرير، وإبراز الرأى الفاسد بلا تخمير، نعوذ بالله من ذلك، وهو المسئول أن يجعل وسيلتنا إليه تعظيما لنبينا صلوات الله عليه، وأن يجنبنا خطوات للشيطان، ويقبلنا من عثرات اللسان، آمين.