للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعنى: ولا يفعلنّ ما يؤدى من غير قصد منه إلى الشعور بنا، فسمى ذلك إشعارا منه بهم، لأنه سبب فيه الضمير في إِنَّهُمْ راجع إلى الأهل المقدر في أَيُّها. يَرْجُمُوكُمْ يقتلوكم أخبث القتلة وهي الرجم، وكانت عادتهم أَوْ يُعِيدُوكُمْ أو يدخلوكم فِي مِلَّتِهِمْ بالإكراه العنيف ويصيروكم إليها. والعود في معنى الصيرورة أكثر شيء في كلامهم، يقولون: ما عدت أفعل كذا. يريدون ابتداء الفعل وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً إن دخلتم في دينهم.

[[سورة الكهف (١٨) : آية ٢١]]

وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً (٢١)

وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ وكما أنمناهم وبعثناهم، لما في ذلك من الحكمة أطلعنا عليهم، ليعلم الذين أطلعناهم على حالهم أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وهو البعث، لأن حالهم في نومتهم وانتباهتهم بعدها كحال من يموت ثم يبعث. وإِذْ يَتَنازَعُونَ متعلق بأعثرنا. أى: أعثرناهم عليهم حين يتنازعون بينهم أمر دينهم ويختلفون في حقيقة البعث، فكان بعضهم يقول: تبعث الأرواح دون الأجساد. وبعضهم يقول: تبعث الأجساد مع الأرواح، ليرتفع الخلاف، وليتبين أنّ الأجساد تبعث حية حساسة فيها أرواحها كما كانت قبل الموت فَقالُوا حين توفى الله أصحاب الكهف ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً أى على يأب كهفهم. لئلا يتطرّق إليهم الناس ضنا بتربتهم ومحافظة عليها كما حفظت تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحظيرة قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ من المسلمين وملكهم وكانوا أولى بهم وبالبناء عليهم لَنَتَّخِذَنَّ على باب الكهف مَسْجِداً يصلى فيه المسلمون ويتبركون بمكانهم. وقيل: إذ يتنازعون بينهم أمرهم أى: يتذاكر الناس بينهم أمر أصحاب الكهف، ويتكلمون في قصتهم وما أظهر الله من الآية فيهم. أو يتنازعون بينهم تدبير أمرهم حين توفوا، كيف يخفون مكانهم؟ وكيف يسدّون الطريق إليهم، فقالوا: ابنوا على باب كهفهم بنيانا. روى أن أهل الإنجيل عظمت فيهم الخطايا وطغت ملوكهم حتى عبدوا الأصنام وأكرهوا على عبادتها، وممن شدد في ذلك دقيانوس، فأراد فتية من أشراف قومه على الشرك وتوعدهم بالقتل، فأبوا إلا الثبات على الإيمان والتصلب فيه، ثم هربوا إلى الكهف ومرّوا بكلب فتبعهم فطردوه، فأنطقه الله فقال:

ما تريدون منى، أنا أحبّ أحباء الله، فناموا وأنا أحرسكم. وقيل: مرّوا براع معه كلب فتبعهم «١»


(١) . قوله «وقيل: مروا براع معه كلب فتبعهم على دينهم» لعل بعده سقطا تقديره: وتبعهم الكلب، كما في الخازن. (ع)