من كتابتهم في التوراة ما ليس منها. وكتمانهم الحق أن يقولوا: لا نجد في التوراة صفة محمد صلى اللَّه عليه وآله وسلم، أو حكم كذا. أو يمحوا ذلك. أو يكتبوه على خلاف ما هو عليه.
وفي مصحف عبد اللَّه: وتكتمون، بمعنى كاتمين وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ في حال علمكم أنكم لابسون كاتمون، وهو أقبح لهم، لأنّ الجهل بالقبيح ربما عذر راكبه وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ يعنى صلاة المسلمين وزكاتهم وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ منهم، لأنّ اليهود لا ركوع في صلاتهم. وقيل «الركوع» الخضوع والانقياد لما يلزمهم في دين اللَّه. ويجوز أن يراد بالركوع: الصلاة، كما يعبر عنها بالسجود، وأن يكون أمرا بأن يصلى مع المصلين، يعنى في الجماعة، كأنه قيل: وأقيموا الصلاة وصلوها مع المصلين، لا منفردين.
أَتَأْمُرُونَ الهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجيب من حالهم. والبرّ سعة الخير والمعروف.
ومنه البر لسعته، ويتناول كل خير. ومنه قولهم: صدقت وبررت. وكان الأحبار يأمرون من نصحوه في السر من أقاربهم وغيرهم باتباع محمد صلى اللَّه عليه وسلم ولا يتبعونه. وقيل كانوا يأمرون بالصدقة ولا يتصدّقون، وإذا أتوا بصدقات ليفرّقوها خانوا فيها. وعن محمد بن واسع: بلغني أنّ ناسا من أهل الجنة اطلعوا على ناس من أهل النار فقالوا لهم: قد كنتم تأمروننا بأشياء عملناها فدخلنا الجنة. قالوا كنا نأمركم بها ونخالف إلى غيرها وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وتتركونها من البر كالمنسيات وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ تبكيت مثل قوله:(وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) يعنى تتلون التوراة وفيها نعت محمد صلى اللَّه عليه وسلم، أو فيها الوعيد على الخيانة وترك البر ومخالفة القول العمل أَفَلا تَعْقِلُونَ توبيخ عظيم بمعنى: أفلا تفطنون لقبح ما أقدمتم عليه حتى يصدكم استقباحه عن ارتكابه، وكأنكم في ذلك مسلوبو العقول، لأن العقول تأباه وتدفعه. ونحوه (أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) . وَاسْتَعِينُوا على حوائجكم إلى اللَّه بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ أى بالجمع بينهما، وأن تصلوا صابرين على تكاليف الصلاة، محتملين لمشاقها وما يجب فيها- من إخلاص القلب، وحفظ النيات، ودفع الوساوس