للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآية وقال: ثم على فراشك وكفر عن يمينك. وعن الحسن أنه دعى إلى طعام ومعه فرقد السنجىّ وأصحابه، فقعدوا على المائدة وعليها الألوان من الدجاج المسمن والفالوذ وغير ذلك، فاعتزل فرقد ناحية، فسأل الحسن: أهو صائم؟ قالوا: لا، ولكنه يكره هذه الألوان، فأقبل الحسن عليه وقال: يا فرقد، ترى لعاب النحل بلباب البرّ بخالص السمن يعيبه مسلم. وعنه أنه قيل له. فلان لا يأكل الفالوذ ويقول: لا أؤدّى شكره. قال: أفيشرب الماء البارد؟ قالوا:

نعم. قال: إنه جاهل، إن نعمة اللَّه عليه في الماء البارد أكثر من نعمته عليه في الفالوذ. وعنه أن اللَّه تعالى أدّب عباده فأحسن أدبهم. قال اللَّه تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) ما عاب اللَّه قوما وسع عليهم الدنيا فتنعموا وأطاعوا، ولا عذر قوما زواها عنهم فعصوه (وَلا تَعْتَدُوا) ولا تتعدوا حدود ما أحل اللَّه لكم إلى ما حرّم عليكم. أو ولا تسرفوا في تناول الطيبات. أو جعل تحريم الطيبات اعتداء وظلماً، فنهى عن الاعتداء ليدخل تحته النهى عن تحريمها دخولا أوليا لوروده على عقبه أو أراد ولا تعتدوا بذلك وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ أى من الوجوه الطيبة التي تسمى رزقا حَلالًا حال مما رزقكم اللَّه وَاتَّقُوا اللَّهَ تأكيد للتوصية بما أمر به. وزاده تأكيداً بقوله الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ لأنّ الإيمان به يوجب التقوى في الانتهاء إلى ما أمر وعما نهى عنه.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٨٩]]

لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٨٩)

اللغو في اليمين: الساقط الذي لا يتعلق به حكم: واختلف فيه، فعن عائشة رضى اللَّه عنها أنها سئلت عنه فقالت: هو قول الرجل «لا واللَّه، بلى واللَّه» «١» وهو مذهب الشافعي. وعن مجاهد:

هو الرجل يحلف على الشيء يرى أنه كذلك وليس كما ظن. وهو مذهب أبى حنيفة رحمه اللَّه بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ بتعقيدكم الأيمان وهو توثيقها بالقصد والنية. وروى أن الحسن رضى اللَّه عنه سئل عن لغو اليمين وكان عنده الفرزدق فقال: يا أبا سعيد، دعني أجب عنك فقال:


(١) . أخرجه البخاري ومالك من حديثها دون قوله «سئلت» ورواه أبو داود من طريق عطاء عنها مرفوعا وموقوفا. وصحح الدارقطني الموقوف