للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجوه الاعراب: الجرّ، على الوصف للأنبياء. والرفع والنصب، على المدح على هم الذين يبلغون. أو على: أعنى الذين يبلغون. وقرئ: رسالة الله. قدرا مقدورا: قضاء مقضيا، وحكما محكوما؟؟؟، ووصف الأنبياء بأنهم لا يخشون إلا الله: تعريض بعد التصريح في قوله تعالى وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ. حَسِيباً كافيا للمخاوف، أو محاسبا على الصغيرة والكبيرة، فيجب أن يكون حقّ الخشية من مثله.

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٤٠]]

ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٤٠)

ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ أى لم يكن أبا رجل منكم على الحقيقة، حتى يثبت به وبينه ما يثبت بين الأب وولده من حرمة الصهر والنكاح وَلكِنْ كان رَسُولَ اللَّهِ وكل رسول أبو أمّته فيما يرجع إلى وجوب التوقير والتعظيم له عليهم. ووجوب الشفقة والنصيحة لهم عليه، لا في سائر الأحكام الثابتة بين الآباء والأبناء، وزيد واحد من رجالكم الذين ليسوا بأولاده حقيقة، فكان حكمه حكمكم، والادعاء والتبني من باب الاختصاص والتقريب لا غير وَكان خاتَمَ النَّبِيِّينَ يعنى أنه لو كان له ولد بالغ مبلغ الرجال لكان نبيا ولم يكن هو خاتم الأنبياء، كما يروى أنه قال في إبراهيم حين توفى. لو عاش لكان نبيا «١» . فإن قلت: أما كان أبا للطاهر والطيب والقاسم وإبراهيم؟ قلت: قد أخرجوا من حكم النفي بقوله مِنْ رِجالِكُمْ من وجهين، أحدهما: أنّ هؤلاء لم يبلغوا مبلغ الرجال. والثاني: أنه قد أضاف الرجال إليهم وهؤلاء رجاله لا رجالهم. فإن قلت: أما كان أبا للحسن والحسين؟ قلت: بلى ولكنهما لم يكونا رجلين حينئذ، وهما أيضا من رجاله لا من رجالهم، وشيء آخر: وهو أنه إنما قصد ولده خاصة، لا ولد ولده، لقوله تعالى وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ ألا ترى أن الحسن والحسين قد عاشا إلى أن نيف أحدهما «٢» على الأربعين والآخر على الخمسين. قرئ. ولكن رسول الله بالنصب، عطفا على أَبا أَحَدٍ وبالرفع على: ولكن هو رسول الله. ولكنّ، بالتشديد على حذف الخبر، تقديره: ولكنّ رسول الله من عرفتموه، أى: لم يعش له ولد ذكر. وخاتم بفتح التاء بمعنى الطابع، وبكسرها بمعنى الطابع وفاعل الختم. وتقوّيه قراءة ابن مسعود: ولكنّ نبيا ختم النبيين. فإن قلت: كيف كان آخر الأنبياء وعيسى ينزل في آخر الزمان؟ قلت: معنى كونه آخر الأنبياء أنه


(١) . أخرجه ابن ماجة من طريق مقسم عن ابن عباس في أثناء حديث. وللبخاري من حديث ابن أبى أوفى «ولو قضى أن يكون بعد محمد نبى لعاش ابنه، ولكن لا نبى بعده» .
(٢) . قوله «نيف أحدهما» أى: زاد. والنيف- بالتشديد والتخفيف-: الزيادة، كذا في الصحاح. (ع)