للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نوبة جديدة، فأملأك خدودا سجدا، يدفون إليك دفيف النسور «١» ، يحنون إليك حنين الطير إلى بيضها. لهم عجيج حولك بالتلبية. ولما نزلت هذه الآية يوم الفتح قال جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ مخصرتك ثم ألقها، فجعل يأتى صنما صنما وهو ينكت بالمخصرة في عينه ويقول: جاء الحق وزهق الباطل، فينكب الصنم لوجهه حتى ألقاها جميعا، وبقي صنم خزاعة فوق الكعبة وكان من قوارير صفر فقال: يا على، ارم به، فحمله رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد فرمى به فكسره، فجعل أهل مكة يتعجبون ويقولون:

ما رأينا رجلا أسحر من محمد «٢» صلى الله عليه وسلم. وشكاية البيت والوحى إليه: تمثيل وتخييل وَزَهَقَ الْباطِلُ ذهب وهلك، من قولهم: زهقت نفسه، إذا خرجت. والحق: الإسلام.

والباطل: الشرك كانَ زَهُوقاً كان مضمحلا غير ثابت في كل وقت.

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٨٢]]

وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَساراً (٨٢)

وَنُنَزِّلُ قرئ بالتخفيف والتشديد مِنَ الْقُرْآنِ من للتبيين، كقوله: من الأوثان.

أو للتبعيض، أى: كل شيء نزل من القرآن فهو شفاء للمؤمنين، يزدادون به إيمانا، ويستصلحون به دينهم، فموقعه منهم موقع الشفاء من المرضى. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يستشف بالقرآن فلا شفاه الله «٣» » ولا يزداد به الكافرون إِلَّا خَساراً أى نقصانا لتكذيبهم به وكفرهم، كقوله تعالى: فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٨٣ الى ٨٤]

وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً (٨٣) قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً (٨٤)

وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ بالصحة والسعة أَعْرَضَ عن ذكر الله، كأنه مستغن عنه


(١) . قوله «يدفون إليك دفيف النسور» في الصحاح «الدفيف» الدبيب. وهو السير اللين، وفيه «العج» رفع الصوت، وقد عج يعج عجيجا. (ع)
(٢) . قال: لم أجده. وروى النسائي والحاكم من طريق ابن أبى مريم عن على. قال «انطلقت مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتينا الكعبة فقال لي اجلس فجلست. وصعد على منكبى فنهضت به. فذكر الحديث» وليس فيه أن ذلك كان في فتح مكة. ولا تلاوة الآية. وروى النسائي [كذا بالأصلين اه مصححه]
(٣) . أخرجه الثعلبي من طريق أحمد بن الحرث الغساني. حدثنا ساكنة بنت الجعد، قالت: سمعت رجاء الغنوي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكره.