والفاعل والمفعول: مضطر. والمضطر الذي أحوجه مرض أو فقر أو نازلة من نوازل الدهر إلى اللجإ والتضرع إلى الله. وعن ابن عباس رضى الله عنهما: هو المجهود. وعن السدّى: الذي لا حول له ولا قوة. وقيل: المذنب إذا استغفر. فإن قلت: قد عم المضطرين بقوله يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وكم من مضطرّ يدعوه فلا يجاب»
؟ قلت، الإجابة موقوفة على أن يكون المدعوّ به مصلحة، ولهذا لا يحسن دعاء العبد إلا شارطا فيه المصلحة. وأما المضطر فمتناول للجنس مطلقا، يصلح لكله ولبعضه، فلا طريق إلى الجزم على أحدهما إلا بدليل، وقد قام الدليل على البعض وهو الذي أجابته مصلحة، فبطل التناول على العموم خُلَفاءَ الْأَرْضِ خلفاء فيها، وذلك توارثهم سكناها والتصرف فيها قرنا بعد قرن. أو أراد بالخلافة الملك والتسلط. وقرئ: يذكرون، بالياء مع الإدغام. وبالتاء مع الإدغام والحذف. وما مزيدة، أى: يذكرون تذكرا قليلا. والمعنى: نفى التذكر، والقلة تستعمل في معنى النفي.
[[سورة النمل (٢٧) : آية ٦٣]]
أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٣)
يَهْدِيكُمْ بالنجوم في السماء، والعلامات في الأرض: إذا جنّ الليل عليكم مسافرين في البر والبحر.
[[سورة النمل (٢٧) : آية ٦٤]]
أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦٤)
فإن قلت: كيف قيل لهم أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وهم منكرون للإعادة؟ قلت:
قد أزيحت علتهم بالتمكين من المعرفة والإقرار، فلم يبق لهم عذر في الإنكار مِنَ السَّماءِ الماء وَمن الْأَرْضِ النبات إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أنّ مع الله إلها، فأين دليلكم عليه؟
[[سورة النمل (٢٧) : آية ٦٥]]
قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥)
(١) . قال محمود «إن قلت فكم من مضطر لإيجاب؟ قلت: الاجابة موقوفة على كون المدعو به مصلحة، ولهذا لا يحسن دعاء العبد إلا شارطا فيه المصلحة» قال أحمد: الصواب أن الاجابة مقرونة بالمشيئة لا بالمصلحة، وإنما تقف الاجابة على المصلحة عند القدرية، لايجابهم على الله تعالى رعاية المصالح، فقول الزمخشري: لا يحسن الدعاء من العبد إلا شارطا فيه المصلحة: فاسد فان المشيئة شرط في إجابة الدعاء اتفاقا، ومع ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول الداعي: اللهم اغفر لي إن شئت.