ثم قال وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وهو الجواب أيضا في أن لم يخلقها في لحظة، وهو قادر على ذلك. وعن سعيد بن جبير رضى الله عنهما. إنما خلقها في ستة أيام وهو يقدر على أن يخلقها في لحظة، تعليما لخلقه الرفق والتثبت. وقيل: اجتمع خلقها يوم الجمعة فجعله الله عيدا للمسلمين. الذي خلق مبتدأ. والرَّحْمنُ خبره. أو صفة للحىّ، والرحمن: خبر مبتدإ محذوف.
أو بدل عن المستتر في استوى. وقرئ: الرحمن، بالجرّ صفة للحىّ. وقرئ فسل، والباء في به صلة سل، كقوله تعالى سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ كما تكون عن صلته في نحو قوله ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ فسأل به، كقوله: اهتمّ به، واعتنى به، واشتغل به. وسأل عنه كقولك: بحث عنه، وفتش عنه، ونقر عنه. أو صلة خبيرا: وتجعل خبيرا مفعول سل، يريد: فسل عنه رجلا عارفا يخبرك برحمته. أو فسل رجلا خبيرا به وبرحمته. أو: فسل بسؤاله خبيرا، كقولك: رأيت به أسدا، أى برؤيته. والمعنى: إن سألته وجدته خبيرا.
أو تجعله حالا عن الهاء، تريد: فسل عنه عالما بكل شيء. وقيل: الرحمن اسم من أسماء الله مذكور في الكتب المتقدمة، ولم يكونوا يعرفونه، فقيل: فسل بهذا الاسم من يخبرك من أهل الكتاب، حتى يعرف من ينكره. ومن ثمة كانوا يقولون: ما نعرف الرحمن إلا الذي باليمامة، يعنون مسيلمة. وكان يقال له: رحمن اليمامة:
وَمَا الرَّحْمنُ يجوز أن يكون سؤالا عن المسمى به، لأنهم ما كانوا يعرفونه بهذا الاسم، والسؤال عن المجهول ب «ما» . ويجوز أن يكون سؤالا عن معناه، لأنه لم يكن مستعملا في كلامهم كما استعمل الرحيم والرحوم والراحم. أو لأنهم أنكروا إطلاقه على الله تعالى لِما تَأْمُرُنا أى للذي تأمرناه، بمعنى تأمرنا سجوده: على قوله: أمرتك الخير. أو لأمرك لنا. وقرئ بالياء، كأن بعضهم قال لبعض: أنسجد لما يأمرنا محمد صلى الله عليه وسلم. أو يأمرنا المسمى بالرحمن ولا نعرف ما هو. وفي زادَهُمْ ضمير اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ لأنه هو المقول.