كُلَّ أُمَّةٍ على الابتداء: وكل أمة: على الإبدال من كل أمة إِلى كِتابِهَا إلى صحائف أعمالها، فاكتفى باسم الجنس، كقوله تعالى وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ.
الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ محمول على القول. فإن قلت: كيف أضيف الكتاب إليهم وإلى الله عزّ وجل؟ قلت: الإضافة تكون للملابسة، وقد لا بسهم ولا بسه، أما ملابسته إياهم، فلأن أعمالهم مثبتة فيه. وأما ملابسته إياه، فلأنه مالكه، والآمر ملائكته أن يكتبوا فيه أعمال عباده يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ يشهد عليكم بما عملتم بِالْحَقِّ من غير زيادة ولا نقصان إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ الملائكة ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أى نستكتبهم أعمالكم فِي رَحْمَتِهِ في جنته. وجواب أما محذوف تقديره: وأما الذين كفروا فيقال لهم أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ والمعنى ألم يأتكم رسلي فلم تكن آياتي تتلى عليكم، فحذف المعطوف عليه.
[سورة الجاثية (٤٥) : الآيات ٣٢ الى ٣٣]
وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٣)
وقرئ: والساعة، بالنصب عطفا على الوعد، وبالرفع عطفا على محل إن واسمها مَا السَّاعَةُ أىّ شيء الساعة؟ فإن قلت: ما معنى إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا؟ قلت: أصله نظن ظنا.
ومعناه: إثبات الظن فحسب، فأدخل حرفا النفي والاستثناء، ليفاد إثبات الظن مع نفى ما سواء وزيد نفى ما سوى الظن توكيدا بقوله وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ...... سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا أى قبائح أعمالهم. أو عقوبات أعمالهم السيئات، كقوله تعالى وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها.
نَنْساكُمْ نترككم في العذاب كما تركتم عدة لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وهي الطاعة، أو نجعلكم بمنزلة الشيء المنسى غير المبالى به، كما لم تبالوا أنتم بلقاء يومكم ولم تخطروه ببال، كالشىء الذي يطرح نسيا منسيا. فإن قلت: فما معنى إضافة اللقاء إلى اليوم؟ قلت: كمعنى إضافة المكر في قوله تعالى بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أى نسيتم لقاء الله في يومكم هذا ولقاء جزائه. وقرئ: لا يخرجون، يفتح الياء وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ولا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم أى يرضوه.