قدما؟ قلت: لما كان السعى والسبق بالقدم، سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدما، كما سميت النعمة يداً لأنها تعطى باليد، وباعاً لأنّ صاحبها يبوع بها، فقيل: لفلان قدم في الخير. وإضافته إلى صدق دلالة على زيادة فضل، وأنه من السوابق العظيمة وقيل: مقام صدق إِنَّ هذا إن هذا الكتاب وما جاء به محمد لَساحِرٌ ومن قرأ: لساحر، فهذا إشارة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو دليل عجزهم واعترافهم به وإن كانوا كاذبين في تسميته سحراً. وفي قراءة أبىّ: ما هذا إلا سحر.
يُدَبِّرُ يقضى ويقدر على حسب مقتضى الحكمة ويفعل ما يفعل المتحرى للصواب الناظر في أدبار الأمور وعواقبها، لئلا يلقاه ما يكره آخراً. والْأَمْرَ أمر الخلق كله وأمر ملكوت السموات والأرض والعرش. فإن قلت: ما موقع هذه الجملة؟ قلت:
قد دل بالجملة قبلها على عظمة شأنه وملكه بخلق السموات والأرض، مع بسطتها واتساعها في وقت يسير، وبالاستواء على العرش، وأتبعها هذه الجملة لزيادة الدلالة على العظمة وأنه لا يخرج أمر من الأمور من قضائه وتقديره، وكذلك قوله ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ دليل على العزة والكبرياء، كقوله يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وذلِكُمُ إشارة إلى المعلوم بتلك العظمة، أى ذلك العظيم «١» الموصوف بما وصف به هو ربكم، وهو الذي يستحق منكم العبادة فَاعْبُدُوهُ وحده ولا تشركوا به بعض خلقه من ملك أو إنسان، فضلا عن جماد لا يضر ولا ينفع أَفَلا تَذَكَّرُونَ فإن أدنى التفكر والنظر ينبهكم على الخطأ فيما أنتم عليه إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً أى لا ترجعون في العاقبة إلا إليه فاستعدوا للقائه وَعْدَ اللَّهِ مصدر مؤكد لقوله إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ وحَقًّا مصدر مؤكد لقوله وَعْدَ اللَّهِ. إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ استئناف معناه التعليل لوجوب المرجع إليه، وهو أنّ الغرض ومقتضى الحكمة بابتداء الخلق وإعادته هو جزاء المكلفين على أعمالهم. وقرئ: أنه يبدؤ