بِئْسَمَا نكرة منصوبة مفسرة لفاعل بئس بمعنى بئس شيئا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ والمخصوص بالذم أَنْ يَكْفُرُوا واشتروا بمعنى باعوا بَغْياً حسداً وطلبا لما ليس لهم، وهو علة اشتروا أَنْ يُنَزِّلَ لأن ينزل أو على أن ينزل، أى حسدوه على أن ينزّل اللَّه مِنْ فَضْلِهِ الذي هو الوحى عَلى مَنْ يَشاءُ وتقتضي حكمته إرساله فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ فصاروا أحقاء بغضب مترادف، لأنهم كفروا بنبىّ الحق وبغوا عليه. وقيل كفروا بمحمد بعد عيسى. وقيل بعد قولهم: عزيز ابن اللَّه، وقولهم: يد اللَّه مغلولة، وغير ذلك من أنواع كفرهم بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مطلق فيما أنزل اللَّه من كل كتاب قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا مقيد بالتوراة وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ أى قالوا ذلك والحال أنهم يكفرون بما وراء التوراة وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ منها غير مخالف له، وفيه ردّ لمقالتهم لأنهم إذا كفروا بما يوافق التوراة فقد كفروا بها «١» ثم اعترض عليهم بقتلهم الأنبياء مع ادّعائهم الإيمان بالتوراة والتوراة لا تسوّغ قتل الأنبياء
(١) . قال محمود رحمه اللَّه: «أنهم إذا كفروا بما يوافق التوراة … الخ» . قال أحمد رحمه اللَّه: وهذه النكتة بعينها هي الموجب لكفر القدرية على أحد قولي مالك والشافعي والقاضي رضى اللَّه عنهم، فان العقائد الصحيحة السنية متلازمة متوافقه يصدق بعضها بعضاً، فجحد أحدها كفر به ثم كفر بالجميع، نسأل اللَّه تعالى العصمة.