للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسيحرّكونها نحوك تعجبا واستهزاء.

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٥٢]]

يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً (٥٢)

والدعاء والاستجابة كلامهما مجاز. والمعنى: يوم يبعثكم فتنبعثون مطاوعين منقادين لا تمتنعون. وقوله بِحَمْدِهِ حال منهم، أى حامدين، وهي مبالغة في انقيادهم للبعث، كقولك لمن تأمره بركوب ما يشقّ عليه فيتأبى ويتمنع، ستركبه وأنت حامد شاكر، يعنى: أنك تحمل عليه وتفسير قسرا حتى أنك تلين لين المسمح «١» الراغب فيه الحامد عليه، وعن سعيد بن جبير: ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون: سبحانك اللهم وبحمدك وَتَظُنُّونَ وترون الهول، فعنده تستقصرون مدّة لبثكم في الدنيا، وتحسبونها يوما أو بعض يوم. وعن قتادة: تحاقرت الدنيا في أنفسهم حين عاينوا الآخرة.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٥٣ الى ٥٤]

وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً (٥٣) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤)

وَقُلْ لِعِبادِي وقل للمؤمنين يَقُولُوا للمشركين الكلمة الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وألين ولا يخاشنوهم، كقوله: وجادلهم بالتي هي أحسن. وفسر التي هي أحسن بقوله رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ يعنى يقولوا لهم هذه الكلمة ونحوها، ولا يقولوا لهم: إنكم من أهل النار وإنكم معذبون وما أشبه ذلك مما يغيظهم ويهيجهم على الشر. وقوله إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ اعتراض، يعنى يلقى بينهم الفساد ويغرى بعضهم على بعض ليقع بينهم المشارّة والمشاقة وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا أى ربا موكولا إليك أمرهم تقسرهم على الإسلام وتجبرهم عليه، وإنما أرسلناك بشيرا ونذيرا فدارهم ومر أصحابك بالمداراة والاحتمال وترك المحاقة والمكاشفة، وذلك قبل نزول آية السيف. وقيل: نزلت في عمر رضى الله عنه: شتمه رجل فأمره الله بالعفو. وقيل: أفرط إيذاء المشركين للمسلمين، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت. وقيل: الكلمة التي هي أحسن: أن يقولوا يهديكم الله، يرحمكم الله. وقرأ طلحة:

ينزغ، بالكسر وهما لغتان، نحو يعرشون ويعرشون.

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٥٥]]

وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (٥٥)


(١) . قوله «المسمح» في الصحاح «أسمحت قرونته» أى ذلت نفسه وتابعته على الأمر. (ع)